سنتابع من خلال موقع فكرة كيفية صلاة الاستسقاء ووقتها والأدعية المتعارف عليها، وطريقة أدائها، فقد جعل الله تعالى من الماء كل شيء حي، إذ يقول في آياته: “وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُون” [الأنبياء: 30]؛ لذا يعد توقف نزول المطر سببًا في الكثير من المجاعات وموجات الجفاف التي تضرب بعد البلدان، مما يعكس مدى أهمية الماء في حياتنا.
ومن رحمة الله تعالى أنه جعل لنا صلاة نعبر من خلالها عن حاجتنا له، وندعو خلالها ليرسل مطره علينا لتسقى الأرض وتروى النباتات وقبلها يروى ظمأ الإنسان.
عناصر المقال
سؤال يردده الكثيرون حول معنى كلمة “الاستسقاء” فهى تعنى الطلب أي طلب السُقيا، بمعنى أن يطلب الإنسان من الله أن يُنزل المطر من السماء ليغيث الأرض، ووفق “تحفة المحتاج للهيتمي” فمعناها اصطلاحاً: الطلب من الله سبحانه وتعالى أن يُنزل المطر بكيفية مخصوصة، وهذا عند الحاجة.
يُشرعُ للمسلمين أن يُعيدوا الاستسقاء إذا لم يُسْقَوا، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة، الحنفية [حاشية الطَّحطاوي (ص: 359)، والمالكية [مواهب الجليل للحطَّاب (595/2)]، والشَّافعية [تحفة المحتاج للهيتمي (67/3)]، والحنابلة [ المُغْني لابن قُدامة (326/2)]، أما الدَّليل من القرآن فهو بقول الله تعالى: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام: 43]؛ حيث إنَّ وجه الدَّلالة من هذه الآية هو التَّضرُّعُ إلى الله في تكرار الاستسقاء [شرح منتهى الإرادات للبهوتي (337/1)].
قال ابن قدامة رحمه الله في (المغني): “وليس لصلاة الاستسقاء وقت معين إلا أنها لا تفعل في وقت النهي بغير خلاف لأن وقتها متسع فلا حاجة إلى فعلها في وقت النهي والأولى فعلها في وقت العيد لما روت عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين بدا حاجب الشمس” ــ رواه أبو داود.
وقال النووي ــ رحمه الله ــ في (المجموع): “في وقت صلاة الاستسقاء ثلاثة أوجه: أحدها: وقتها وقت صلاة العيد ، أما الوجه الثاني: أول وقت صلاة العيد ويمتد إلى أن يصلي العصر ..والثالث: وهو الصحيح، بل الصواب: أنها لا تختص بوقت، بل تجوز وتصح في كل وقت من ليل ونهار إلا أوقات الكراهة على أحد الوجهين. وهذا هو المنصوص للشافعي وبه قطع الجمهور وصححه المحققون”.
وفي “الموسوعة الفقهية”: “إذا كان الاستسقاء بالدعاء فلا خلاف في أنه يكون في أي وقت، وإذا كان بالصلاة والدعاء فالكل مجمع على منع أدائها في أوقات الكراهة، وذهب الجمهور إلى أنها تجوز في أي وقت عدا أوقات الكراهة. والخلاف بينهم إنما هو في الوقت الأفضل ما عدا المالكية فقالوا: وقتها من وقت الضحى إلى الزوال فلا تصلى قبله ولا بعده”.
وبهذا يعلم أنه يجوز أن يصلى للاستسقاء بعد الظهر أو المغرب أو العشاء .
جاء في صحيح مسلم رضى الله عنه: “أن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ لما أراد أن يدعو في الاستسقاء استقبل القبلة وحول رداءه”، ويكون ذلك بعد الموعظة في الخطبة. ويستحب أن يرفع يديه مع هذا الدعاء ويبالغ، كذلك يستحب للناس رفع أيديهم في هذا الدعاء؛ لحديث أنس “فرفع رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ يديه يدعو ورفع الناس أيديهم معه” أخرجه البخاري.
ويتوجب على المصلين قبل أداء صلاة الاستقساء الوضوء والاغتسال قبل التوجه إلى الصلاة، إضافة إلى التعطر وتقليم الأظافر والتخلص من رائحة الفم الكريهة، مع حسن نية العبد، حيث تعد صلاة الاستقساء وسيلة العبد للتقرب بها إلى الله تعالى، مما يجعل لها قواعد معينة لأدائها بشكل صحيح، وتتمحور تلك القواعد في الآتي:
وإذا نزل المطر يتوجب على المسلمين شكر الله سبحانه وتعالى على نعمه، أما إذا لم ينزل المطر فعليهم الاستمرار في أداء صلاة الاستقساء إلى أن ينزل المطر.
يعد الدعاء جزءًا رئيسيًا في صلاة الاستسقاء فهو وسيلة العبد التضرع إلى الله؛ لذا يعد انتقاء الأدعية المناسبة لهذه الصلاة أمرًا هامًا، وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدد من الأدعية، سنعرضها لكم في النقاط التالية:
تعليقات (0)