شعر النقائض بين جرير والفرزدق
شيماء شعبان سبع آخر تحديث :
شعر النقائض بين جرير والفرزدق، النقائض من الفنون الشعرية التي ظهرت واشتهر بها كثير من الشعراء وخاصة في العصر الأموي وتشتمل النقائض على غرضي الفخر والهجاء ، وقد برع في هذا الفن عدد كبير من الشعراء وأصبحت نقائضهم تدرس عبر العصور المختلفة.
عناصر المقال
معنى النقائض وأسباب انتشارها
- النقائض هو لون من الألوان الشعرية التي ظهرت وذاع صيتها في العصور المختلفة وخاصة العصر الأموي، وهي عبارة عن معارك هجائية بين الشعراء حيث يقوم كل شاعر بهجاء الشاعر الآخر عن طريق الشعر.
- في فن النقائض يقوم كل شاعر بذكر الخصائص المميزة له ولقبيلته عن طريق الفخر بالأنساب ومكارم القبيلة ، وفي نفس الوقت يعيب في القبيله الأخرى ويذكرها بالسوء، وأحيانا يذم في حاكم القبيلة وبعض الأشراف الموجودين فيها.
- وقد اشتهر هذا الفن وتميز به عدد كبير من الشعراء وخاصة في العصر الأموي لعدة أسباب من أهمها انتشار الأحزاب السياسية، التي كان كل حزب يكلف شاعرا من الشعراء بذكر المفاخر الخاصة به ويكلفه أيضا بهجاء الحزب الآخر.
- ومن الأسباب التي أدت إلى ظهور فن النقائض أيضا العصبيات القبلية، التي ظهرت بكثرة وبصورة واضحة في العصر الأموي.
- وَهَل كانَ الفَرَزدَقُ غَيرَ قِردٍ
- أَصابَتهُ الصَواعِقُ فَاِستَدارا
- وَكُنتَ إِذا حَلَلتَ بِدارِ قَومٍ
- رَحَلتَ بِخِزيَةٍ وَتَرَكتَ عارا
- تَزَوَّجتُم نَوارَ وَلَم تُريدوا
- لِيُدرِكَ ثائِرٌ بِأَبي نَوارا
- فَدينُكَ يا فَرَزدَقُ دينُ لَيلى
- تَزورُ القَينَ حَجّاً وَاِعتِمارا
وقد قام الأخطل بهجاء جرير ببعض الأبيات المقذعة ، ومنها ما يلي :
- أما كليب بن يربوع فليس لهم
- عند التفارط ايراد ولا صدر
- قوم أنابت إليهم كل مخزية
- وكل فاحشة سبت لها مضر
- وكليب قوم جرير”
سمات شعر النقائض
وإذا تأملنا شعر النقائض الموجود عبر العصور المختلفة نجده يتسم ببعض السمات التي تميزه وتجعله من أهم فنون الشعر الموجودة، ومن أهم هذه السمات ما يلي:
- جزالة الألفاظ فكان الشعراء يتألقون في اختيار الألفاظ ويختارون الألفاظ الجزلة التي تدل على الفصاحة والبلاغة وبراعة العرب في اللغة العربية.
- الصور البيانية فنجد شعر النقائض يشتمل على الكثير من الصور البيانية، فكان الشعراء يضعون كل الألوان البيانية والمحسنات البديعية في شعرهم، بحيث تظهر القصيدة وكأنها كتلة فنية تشتمل على جميع الخصائص والسمات الشعرية المميزة لأي قصيدة.
- أثر البيئة يظهر أثر البيئة واضحا في شعر النقائض ، حيث كان الشعراء يفتخرون بالحروب التي تميز كل قبيلة ، وعندما يهجو كل شاعر الشاعر الآخر كان يشبهه وقبيلته بأشياء حقيرة في البيئة المحيطة.
- جَرَّ المُخزِياتِ عَلى كُلَيبٍ
- جَريرٌ ثُمَّ ما مَنَعَ الذِمارا
- وَكانَ لَهُم كَبَكرِ ثَمودَ لَمّا
- رَغا ظُهراً فَدَمَّرَهُم دَمارا
- عَوى فَأَثارَ أَغلَبَ ضَيغَمِيّاً
- فَوَيلَ اِبنِ المَراغَةِ ما اِستَثارا
- مِنَ اللائي يَظَلُّ الأَلفُ مِنهُ
- مُنيخاً مِن مَخافَتِهِ نَهارا
- تَظَلُّ المُخدِراتُ لَهُ سُجوداً
- حَمى الطُرقَ المَقانِبَ وَالتِجارا
- كَأَنَّ بِساعِدَيهِ سَوادَ وَرسٍ
- إِذا هُوَ فَوقَ أَيدي القَومِ سارا
أشهر الشعراء في فن النقائض
- برع كثير من الشعراء في الفن النقائض وخاصة جرير والفرزدق اللذان عرف عنهما النقائض، حيث كان الفرزدق يقوم بهجاء جرير ببعض القصائد في حين يرد عليه جرير بقصائد أخرى تمتلئ بالهجاء فيه وفي قبيلته.
- لِمَنِ الدِيارُ كَأَنَّها لَم تُحلَلِ
- بَينَ الكِناسِ وَبَينَ طَلحِ الأَعزَلِ
- وَلَقَد أَرى بِكَ وَالجَديدُ إِلى بِلىً
- مَوتَ الهَوى وَشِفاءَ عَينِ المُجتَلي
- نَظَرَت إِلَيكَ بِمِثلِ عَينَي مُغزِلٍ
- قَطَعَت حِبالَتَها بِأَعلى يَليَلِ
- وَإِذا اِلتَمَستَ نَوالَها بَخِلَت بِهِ
- وَإِذا عَرَضتَ بِوُدِّها لَم تَبخَلِ
- وَلَقَد ذَكَرتُكِ وَالمَطِيُّ خَواضِعٌ
- وَكَأَنَّهُنَّ قَطا فَلاةٍ مَجهَلِ
- يَسقينَ بِالأُدَمى فِراخَ تَنوفَةٍ
- زُغباً حَواجِبُهُنَّ حُمرَ الحَوصَلِ.
فرد عليه الفرزدقُ وقال:
- إِنَّ الَّذي سَمَكَ السَماءَ بَنى لَنا
- بَيتاً دَعائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطوَلُ
- بَيتاً بَناهُ لَنا المَليكُ وَما بَنى
- حَكَمُ السَماءُ فَإِنَّهُ لا يُنقَلُ
- بَيتاً زُرارَةُ مُحتَبٍ بِفِنائِهِ
- وَمُجاشِعٌ وَأَبو الفَوارِسِ نَهشَلُ
- يَلِجونَ بَيتَ مُجاشِعٍ وَإِذا
- اِحتَبوا بَرَزوا كَأَنَّهُمُ الجِبالُ المُثَّلُ
- لا يَحتَبي بِفِناءِ بَيتِكَ مِثلُهُم أَبَداً
- إِذا عُدَّ الفَعالُ الأَفضَلُ
- مِن عِزِّهِم جَحَرَت كُلَيبٌ بَيتَها
- زَرباً كَأَنَّهُمُ لَدَيهِ القُمَّلُ.
جرير والفرزدق من رموز فن النقائض
- وبالرغم من انتشار شعر الهجاء عبر العصور المختلفة إلا أن جرير والفرزدق يعدان من رموز فن النقائض، حيث انتشر الهجاء في العصر الجاهلي وبرع فيه كثير من شعراء هذا العصر وأفردوا قصائد خاصه بالهجاء، إلا أنه عندما جاء العصر الأموي ظهر الهجاء بطريقة أخرى وهي طريقة النقائض.
- حيث كان كل شاعر يقوم بهجاء الشاعر الآخر ويقوم الشعر الآخر بالرد عليه بقصيدة في الهجاء أيضا، وقد يتناول هجاء الشاعر وقبيلته ويمكن أن يذم نسبه وينسب إليه أوصافا ليست به.
- إِنَّكَ لاقٍ بِالمُحَصَّبِ مِن مِنىً
- فَخاراً فَخَبِّرني بِمَن أَنتَ فاخِرُ
- أَبِالقَيسِ قَيسٍ أَم بِخِندِفَ تَعتَزي
- إِذا زَأَرَت مِنها القُرومُ الهَوادِرُ
فرد عليه جرير بعد حجة وقال:
- ما لِلفَرَزدَقِ مِن عِزٍّ يَلوذُ بِهِ
- إِلّا بَنو العَمِّ في أَيديهِمُ الخَشَبُ
- سيروا بَني العَمِّ فَالأَهوازُ مَنزِلُكُم
- وَنَهرُ تيرى فَلَم تَعرِفكُمُ العَرَبُ
- الضارِبو النَخلَ لا تَنبو مَناجِلُهُم
- عَنِ العُذوقِ وَلا يُعيِيهِمُ الكَرَبُ.
القبيلة دافع رئيسي لفن النقائض
- المتابع لتطور فن النقائض يجد أن الدافع الأساسي لهذا الفن هو القبيلة، حيث أنه عندما ظهرت العصبيات القبلية وتعصب كل شاعر لقبيلته ظهر فن النقائض ، وظل في تطوره عبر العصور المختلفة إلى أن ازدهر أشد الازدهار في العصر الأموي نتيجة ظهور الأحزاب السياسية والمذاهب المختلفة، بالإضافة إلى حياة الترف والرفاهية التي كان يعيش فيها الأمويون، فكانوا يستغلون أوقات فراغهم في هذا الفن والاستماع لشعرائه.
- كلفني قلبي وما ذا كلفا
- هوازنيات حللن غرنفا
- أقمن شهرًا بعد ما تصيفا
- حتى إذا طرد الهيف السفا
- قرب شولا ودليلًا مخشفا
- يرفعن بالليل إذا ما أسدفا
- أعناق جنان وهاما رجفا
- وأعينا بعد الكلال ذرفا
- وعنقا باقي الرسيم خيطفا”
- ومن أول قصائد النقائض لجرير
- ” لا تحسبني عن سليط غافلا
- إن تعش ليلا بسليط نازلا
- لاتلق أقرانا ولا صواهلا
- ولا قرى للنازلين عاجلا
- أبلغ سليط اللؤم خبلا خابلا
- أبلغ أبا قيس وأبلغ باسلا
- والصلع من ثمامة الحواقلا
- إني لمهد لهم مساحلا
- زغبة والشحاج والقنابلا
- يضربن بالأكابد ويلا وئلا
- رعين بالصلب ندى شلاشلا
- في مستحير يغمر الجحافلا
- زغبششة لا يسأل إلا عاجلا
- ما يتقي حولا ولا حواملا
- يحسب شكوى الموجعات باطلا
- يزهر زهرا يرعد الخصائلا
- يترك أصفان الخصى جلاجلا
- تسمع في جيزومه أفاكلا
- قد قطع الامراس والسلاسلا”
عزيزي القارئ نستبشر أن نكون قد قدمنا جميع المعلومات حول موضوع شعر النقائض بين جرير والفرزدق، ونحن على أتم الاستعداد للرد على استفساراتكم في أسرع وقت.