من هم أهل الكتاب

شيماء الخطيب

أهَلْ الكتاب من هم، هَلْ اليهود والنصارى أهَلْ كتاب، ما حكم أهَلْ الكتاب، ذكر الله سبحانه وتعالى أهَلْ الكتاب في مواضع عديدة في القرىن الكريم، ولكن من هم أهَلْ الكتاب هَلْ هم اليهود والنصارى أم المسلمون أم قوم غيرهم الثلاثة، هذا ما سنجيب عنه من خلال مقالنا اليوم.

من هم أهل الكتاب

من هم أهَلْ الكتاب :

قال الله تبارك وتعالى في محكم آياته: “يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ”، وقد ورد ذكر أهَلْ الكتاب في كثير من المواضع في القرآن الكريم، ولكن التساؤل من هم أهَلْ الكتاب؟.

يرى الجمهور من العلماء أن أهَلْ الكتاب هم اليهود والنصارى فقط دون غيرهم، فقد وصف القرآن الكريم اليهود بأنهم أهَلْ الكتاب، وأيضاً وصف النصارى بأنهم أهَلْ الكتاب.

الدليل على أن أهَلْ الكتاب هم اليهود والنصارى :

أهَلْ الكتاب كما أجمع العلماء هم اليهود والنصارى، وورد في القرآن الكريم ذكر أهَلْ الكتاب والأدلة التي توضح أن أهَلْ الكتاب هم اليهود والنصارى كثيرة أيضاً منها:

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه: “أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ”.

قال الله تعالى: “يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ”.

وقال أيضاً جل وعلا: “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ”.

وقوله تعالى: “قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ * وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ”.

وفي محكم التنزيل: “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ”.

سبب تسمية أهَلْ الكتاب بهذا الاسم :

أهَلْ الكتاب من اليهود ومن النصارى سموا بأهَلْ الكتاب وذلك لأن كل قوم منهم أنزل إليهم كتاب من الله على يد رسوله الذي أرسله لهم.

فاليهود أرسل الله تعالى لهم نبيه موسى عليه السلام وبعث معه كتاب التوراة لهم.

أما النصارى فأرسل الله نبيه عيسى عليه السلام لهم حاملاً معه الإنجيل وهو كتاب النصارى.

فسموا بأهَلْ الكتاب لإرسال الله تعالى لهم كتب سماوية فيها تعاليمه لهم، ويدعو الكتابين إلى الإيمان بالله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له وعدم الإشراك به شيء آخر.

حكم التعامل مع أهَلْ الكتاب بالنسبة للمسلمين :

أجاز الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم التعامل مع أهَلْ الكتاب من اليهود والنصارى، ولقد تعامل هو بذاته صلوات الله وسلامه عليه معهم معاملة حسنة كما أمر الله عز وجل ودعاهم إلى الإسلام بشتى السبل، ولكن بالحسنى والموعظة الحسنة، وكان لا يظلم فيهم أحد أبداً، وعندما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة اقر حدوداً للتعامل بين المسلمين وأهَلْ التاب من اليهود والنصارى: ووضع ضوابط خاصة لذلك التعامل، وحفظ حقوق كل طرف منهم، وتلك الحدود هي:

  • أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم حياتهم، فلم يقم النبي الكريم ولا أحد من صحابته الأكرمين بقتل يهودي ولا نصراني بدون وجه حق، ولكن كان الجزاء والعقاب لمن خان وغدر وتعدى على حرماتهم.
  • لم يقم صلى الله عليه وسلم بمصادرة املاكهم ولكن تركهم يتملكون ما يشاؤون.
  • كان لهم حق الحماية مثلهم مثل المؤمنين وكان من بين البنود التي حددها صلى الله عليه وسلم أنهم يحاربون الأعداء الذين يتطاولون على المدينة مع المؤمنين.
  • لهم الحق في رفع الظلم عنهم وإعطائهم حقوقهم حتى وإن كانت عند أحد المسلمين، ويتم الحكم في الخلافات بالعدل وإن كان لصالح اليهودي أو النصراني.
  • لهم الحق في ممارسة شعائرهم الدينية وطقوسهم بأمان تام دون التدخل من أحد من المسلمين.

هذا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل هداياهم ويعود مريضهم والعفو عنهم عندما يخطئون في حقه، فالنبي صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق وأفضلهم وكان بذلك يعلم أمته الأخلاق الحسنة التي يجب أن يتحلى بها المسلمون وكيف أن تلك المعاملة يمكن أن تجعل الكثير من أهَلْ الكتاب يدخلون الإسلام ويعتنقونه.

أدلة جواز المعاملة مع أهَلْ الكتاب من اليهود والنصارى :

من سيمات الإسلام المعاملة السمحة والتعامل بالحسنى مع الجميع سواء أكانوا من المسلمين أم من أهَلْ الكتاب أم غيرهم، وخاصة إذا لم يكن هناك أي أذى أو ضرر منهم، ولا يوجد بينهم وبين المسلمين عداوة أو حرباً أو ماشابهه، وقد وضح القرآن الكريم تلك المعاملة وأجاز التعامل مع أهَلْ الكتاب خاصة ومع غيرهم من البشر عامة، بالعدل والإحسان وبالمعروف، ودليل ذلك:

قوله تبارك وتعالى: “لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”.

كما أوضح أيضاً رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حقوق أهَلْ الكتاب على المسلمين:

وقال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”.

هذا بالنسبة للتعامل مع أهَلْ الكتاب، أما بالنسبة لطعامهم، فلا حرج في أن يأكل المسلمون من طعامهم إذا اجتنبوا الخمر ولحم الخنزير، وفي ذلك أيضاً دليل وهو:

قال الله عز وجل: “وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ”.

أما بالنسبة لأرواحهم فقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل أهَلْ الكتاب أو المعاهد بدون وجه حق:

قال صلى الله عليه وسلم: «مَن قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا».

فدم أهَلْ الكتاب وأموالهم وأعراضهم حرام على المسلمون وقتلهم حرام وهذا بإجماع العلماء والفقهاء، وهو ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه.