من هم أصحاب الرس

شيماء الخطيب

أصحاب الرس، من هم أصحاب الرس، وما هي قصتهم، وماذا فعلوا، قصص في القرآن الكريم لها بداية ونهاية، وبداخلها عبرة وموعظة للمؤمنين، ودليل على قدرة الله تعالى وعظمته، وإثبات واضح على الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة، معاً لنتعرف على أصحاب الرس وقصتهم.

من هم أصحاب الرس

من هم أصحاب الرس :

قال الله تعالى في كتابه: ” : وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا ، وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا”.

وقال أيضاً: ” كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ، وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ، وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ”.

ذكر الله تبارك وتعالى أصحاب الرس في القرآن الكريم في الآيتين السابقتين من سورتي الفرقان، ق، وأصحاب الرس هم قوم من قرى ثمود، والرس هو بئر في أذربيجان.

واختلف العلماء فيهم فمنهم من قال بأنهم أصحاب الأخدود الذين ذكروا في القرآن الكريم في سورة البروج، وآخرون قالوا بأنهم أصحاب يس المذكورون في سورة يس.

وروي عن ابن عباس أنهم أهَلْ قرية من قرى ثمود وروي أيضاً عنه أن الرس بئر بأذربيجان.

فأصحاب الرس هم قوم من قرى ثمود قيل أنهم أصحاب الأخدود وقيل أنهم أصحاب يس وفي النهاية هم قوم أصحاب بئر أذربيجان كانو يعبدون شجرة الصنوبر التي زرعها يافث بن نوح وكانت تسمى شاهدرخت.

لماذا سمي أصحاب الرس بهذا الاسم :

أصحاب الرس كما سبق ذكرهم هم قوم عبدوا شجرة صنوبر كان قد زرعها قديماً يافث بن نوح وهو ابن نبي الله نوح عليه السلام، وسموا بأصحاب الرس لأن كانت لهم بئراً تسمى بئر أذربيجان قتلوا نبيهم ورسوه فيها.

قصة أصحاب الرس :

ترجع قصة أصحاب الرس بعد عهد نبي الله سليمان عليه السلام، كان يحكمهم ملك عادل حسن السمعة، يحبونه كثيراً لعدله وحكمته، ولما مات ملكهم ظهر لهم الشيطان بعد عدة أيام في صورة الملك فظنوا أنه هو ذاته وقال لهم أني أنا الملك ولا أموت أبداً، ففتنهم الشيطان لعنه الله، وجعل بينهم وبينه حجاباً حتى عبدوه، فبعث الله تعالى لهم نبياً يخبرهم بحقيقة أمر الملك المزيف وأن هذا هو الشيطان تمثل لهم في صورة ملكهم الذي مات ودفن وجاء ليفتنهم ويوقع بهم في الهاوية ويخاطبهم من وراء حجاب، ونهاهم عن عبادته وطاعته وأن يتوبوا ويرجعوا إلى عبادة الله الواحد القهار، فلم يستجيبوا له ولم يكتفوا بعدم استجبتهم وكفرهم فقط بل اعتدوا عليه وقتلوه وألقوا به في البئر، فغار ماء البئر من فعلتهم فانهار بهم وخسف الله بهم فهَلْكوا جميعاً.

وذكر أن البئر كانت تروي لقومها أراضيهم وتسقيهم وكانت بلادهم تنعم بالرخاء والسخاء والازدهار، فلما قتلوا نبيهم الذي أرسله الله إليهم انهار البئر عليهم فعطشوا بعد سقيهم وخربت ديارهم وتيبست أشجارهم وانقطعت ثمارهم، وسكن في منازلهم الجن والشياطين والوحوش، ولم يبق لهم أثر ولم يسمع لهم غير صوت الوحوش واالجان في بيوتهم.

سقوط أصحاب الرس في الهاوية :

كان لأصحاب الرس اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يدعى الرس من بلاد المشرق، وكان في ذلك الوقت أفضل وأعذب وأغزر نهر ولا توجد قرى أعمر من الاثنا عشرة قرية التي كانوا يمتلكونها، ومن ثم قاموا بغرس حبة من طلع شجرة الصنوبر التي كان قد زرها يافث بن نوح في كل قرية من قراهم، ثم أجروا إليها ماءاً من النهر، فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة، وحرموا ماء العين فلا يشرب منها أحداً او يسقي أنعامه منها، ومن يشرب أو يسقي أنعامه من العين قتلوه، وفي هذا كانوا يزعمون أن النهر هو حياة آلهتهم فلا ينبغي لأحد أن ينقص منه شيء، وكانوا يشربون هم وأنعامهم من نهر الرس، الذي ترسو على شاطئه قراهم، وزعموا عيداً في كل شهر من شهور السنة في قرية من تلك القرى يحتفلون فيه فيجتمعون في القرية التي بها العيد فيضربون على الشجرة التي بها كلة من الحرير فيها من أنواع الصور، ثم يأتون ببقر وشاة فيقدمونها قرباناً للشجرة فيذبحونها ومن ثم يشعلون النار بها حتى إذا ظهر دخان تلك لقرابين في السماء وغيم عليهم حتى لم يستطيعوا أن يرووا السماء سجدوا يتضرعون ويبكون لتلك الشجرة حتى ترضى عنهم وتهب لهم الغفران والعفو، فكان يعصف بفروع الشجرة لشيطاان ويحركها ومن ثم يصيح مثل صياح الصبية ن قد رضيت عنكم يا عبادي، فطيبوا نفساً وقروا عيناً فيرفعون الرؤوس ويبدأون في الصياح واحتساء الخمر، ويعزفون بالمعازف وذلك تكون ليلتهم ويومهم.

وبعد هذا الاحتفال ينصرفون وكل شهر على هذا الحال في قرية من قراهم إلى أن يأتي عيد قريتهم العظمى، يجتمع فيه كل فرد منهم كبيرهم وصغيرهم رجالهم ونسئهم شيوخهم وأطفالهم، فيضربون عند شجرة الصنوبر الأساسية التي ترجع ليافث بن نوح ديباجاً عليه من كل أنواع الصور، وجعلوا له اثنا عشرة باباً، كل باب من تلك الأبواب لأهَلْ قرية محددة من قراهم، يقومون بالسجود للشجرة ويقربون االذبائح أضعاف أضعاف ما قربوا للشجر الأصغر سابقاً في قراهم، فيأتي إبليس فيحرك الشجرة بشدة، ويبدأ الكلام من جوف الشجرة ويعدهم ويمنيهم أكثر وأكثر من ذي قبل، ولا يتكلمون ويحركون رؤوسهم بالسجود ويظلون هكذا اثنا عشرة يوماً.

وعندما طال الكفر وما يفعلوه أرسل الله لهم نبيهم وقيل أنه حنظلة بن صفوان، وقيل أنه من ولد يهودا بن يعقوب، فظل يدعوهم فترة طويلة من الزمن ولم يزل يدعوهم إلى أن يأس منهم وظلوا متمسكين بكفرهم وغيهم، فحضر عيدهم الأعظم

ودعا النبي الله سبحانه وتعالى وقال يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيبي وغدوا يعبدون شجرة لا تضر ولا تنفع، فأيبس شجرهم أجمع وأرهم عجائب قدرتك وسلطانك

فأصبح الشجر وقد أيبس فاندهشوا وتعجبوا لذلك وتفرقوا فرقتين إلا أنهم اجتمعوا على قتل النبي المرسل، وأخذوا ينزحون البئر من الماء، ومن ثم بدأوا حفر حفرة عميقة في قرارها، فصنعوا بئراً ضيقة في قرار البئر الأصلية، وأرسلوا نبيهم فيها، وسدوا فاه البئر بصخرة عظيمة، وقالوا نرجوا الآن أن ترضى عنا آلهتنا، وظلوا يومهم هذا يسمعون أنين نبيهم حتى مات.

ثم بعد ذلك كان عقاب الله سبحانه وتعالى لهم في عيدهم الذي ابتدعوه، فجائتهم ريح عاصف شديد الحمرة، فهرعوا منها وذعروا، ومن ثم أصبحت الأرض تتقد من تحت أرجلهم، وأظلتهم سحابة سوداء، فنزل عليهم جمراً فذوبت أجسدتهم وأهَلْكتهم.