د. محمود عبد العزيز: لا يجوز التصرف فيها بغير المقصد الذي أخذت من أجله
د. فضل مراد: يجوز التبرع بها شرط السماح من صاحب الشأن
صالح العجي: لا يجوز التنازل عنها تحت طائلة المسؤولية
في حين تواصل الدولة ممثلة بوزارة التجارة والصناعة تخصيص حصة شهرية للمواطنين المستفيدين من المواد التموينية، من خلال مراكز توزيع وبيع معتمدة وفق ضوابط وشروط محددة، يرى بعض المستفيدين التبرع بها لصالح المحتاجين والأسر المتعففة أو الأشخاص أصحاب الدخل المحدود.
وتشمل السلع التموينية عددا من السلع الإستراتيجية، هي الزيت 12 لترا 4 جالونات بسعر 35 ريالا، وحليب تموين قطر 96 علبة 170 جراما بسعر 60 ريالا، وأرز بسمتي 40 كيلو 65 ريالا، وسكر أبيض 25 كيلو بسعر 25 ريالا، وشعير 35 كيلو بسعر 16 ريالا، وشوار 30 كيلو للكيس بسعر 10 ريالات. وتشمل شروط الحصول على السلع التموينية:
أولا: إصدار البطاقة التموينية من خلال صورة من البطاقة الشخصية للزوج والزوجة وأفراد الأسرة. وصورة من شهادة الميلاد للأبناء موضح بها الأرقام الشخصية. وفي حالة عدم وجود أبناء: صورة من عقد الزواج وصورة من البطاقة الشخصية للزوج والزوجة.
وفي حالة وفاة رب الأسرة: صورة من شهادة الوفاة وصورة من البطاقة الشخصية أو شهادة الميلاد للأبناء.
وفي حالة الطلاق: صورة من شهادة الطلاق وصورة من البطاقة الشخصية وصورة من شهادة الميلاد للأبناء وصورة من حضانة على الأبناء.
فهل يجوز التصرف بهذه السلع المصروفة «مجانا» للمواطنين سواء كان ذلك على سبيل التبرع أو التصدق بها أو عرضها للبيع أو المقايضة عليها، وما هو حكم التصدق بالسلع؟ وهل هناك عقوبة قانونية حال القيام بذلك؟
مكرمة من الدولة
قال فضيلة الداعية الدكتور محمود عبد العزيز أبو المعاطي، أستاذ الفقه المقارن وعضو مكتب الفتوى سابقاً: من المعلوم أن الدولة تستخدم بطاقات التموين لتوزع على الأسر بحسب حاجتها سلعاً بسعر مخفض، أو مكرمة دون سعر كما ذكرت، وتتحمل الدولة في سبيل ذلك تكاليف ضخمة، وتشترط على المنتفع بتلك البطاقات أن لا يأخذ أكثر من حاجته، وألا يأخذ بغرض البيع أو التصدق أو غيره.
وأشار فضيلته في تصريحات لـ «العرب» أن السلع المدعومة من قبل الدولة التي تصرفها للمواطنين مساعدة لهم على متطلبات الحياة من مواد تموينية أو إنشائية لا يجوز التنازل عنها لأحد ولا يجوز لمن أخذ شيئاً منها أن يتصرف فيه ببيع أو هبة أو صدقة في غير المقصد الذي أخذت من أجله، وذلك حماية للأهداف التي ترعاها الدولة وامتثالا لأمر ولي الأمر في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) [النساء: 59]. فإن فضل منها شيء كان له الحق في التصرف فيه في غير البيع، وعليه فيؤخذ هذا التموين بقصد التمون، ثم إن فضل منه شيء فلا حرج حينئذ أن يتصرف فيه بالصدقة ونحوها.
قصد التبرع بها
من جانبه، قال فضيلة الشيخ أ.د. فضل مراد أمين لجنة الاجتهاد والفتوى وأستاذ الفقه والقضايا المعاصرة في جامعة قطر، حول شرعية التصرف في مواد التموين التي يتسلمها المواطن وهي مدعومة من الدولة، بقصد التبرع أو التصدق بها، بأنه يجوز التصدق بها بما يفضل عن حاجته بشرط السماح بذلك من الجهات المسؤولة عنها أو صاحب الشأن، أما إذا حظرت الجهات المسؤولة على المرخص لهم بالتعامل في السلع المدعومة، التنازل عنها للغير، فإن عليه الالتزام بما يمليه التوجيه والقانون.
طائلة المسؤولية
وأكد السيد صالح بن محسن العجي، أن الدولة ملتزمة بتوفير الحصص التموينية للمواطنين المستفيدين من الأرز والسكر والزيت والحليب في إطار حرص الدولة على ضمان توفر الاحتياجات الغذائية الأساسية للمواطنين بكميات مناسبة، مبيناً أن العديد من المواطنين يستفيدون من هذه المبادرة مشيرا إلى تحذير وزارة التجارة والصناعة أن المواد التموينية والأعلاف المدعومة حق للمواطن لا يجوز التنازل عنه للغير مهما كانت الأسباب، كما أنه يجب المحافظة على البطاقة التموينية والرقم السري الخاص بها في مكان آمن وعدم السماح للغير بحيازتها أو استخدامها حتى لا يكون عرضه للمساءلة القانونية.
وأوضح العجي أن البطاقة التموينية الحالية تتضمن أهم الأساسيات ولا يمنع إضافة سلع أخرى، ولكن توجد احتياجات تتطلبها الأسر الكبيرة والمحتاجة وخاصة احتياجات الأطفال، متسائلا لماذا لا يتم صرف مبلغ شهري لكل طفل مولود لإعانة الأسر والتشجيع على زيادة النسل وهذا معمول به في الكثير من الدول.
من الناحية القانونية
تؤكد وزارة التجارة والصناعة أن المواد التموينية والأعلاف المدعومة حق للمواطن لا يجوز التنازل عنه للغير مهما كانت الأسباب، كما أنه يجب المحافظة على البطاقة التموينية والرقم السري الخاص بها في مكان آمن وعدم السماح للغير بحيازتها أو استخدامها حتى لا يكون عرضه للمساءلة القانونية.
وتحذر وزارة التجارة والصناعة مخالفة القانون رقم (5) لسنة 2017 بتنظيم التعامل في السلع المدعومة والتي تنص على أن: «يحظر على المرخص لهم بالتعامل في السلع المدعومة والعاملين لديهم، حيازة السلع المدعومة أو التعامل فيها بأي وجه، على نحو يخالف أحكام هذا القانون، كما يحظر عليهم تسجيل أي بيانات مخالفة للحقيقة في الكشوفات أو أذونات الاستلام أو الصرف المتعلقة بالسلع المدعومة. ويجب على المرخص لهم بالتعامل في السلع المدعومة الاحتفاظ بالفواتير أو غيرها من المستندات المثبتة لما يتم شراؤه أو بيعه من تلك السلع، وتسليم نسخ منها للإدارة المختصة، متى طلب ذلك».
علما بأن مخالفة القانون رقم (5) لسنة 2017 بتنظيم التعامل في السلع المدعومة تتراوح عقوباته بالحبس مدة لا تجاوز سنة، وبالغرامة المالية التي لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
من الناحية الشرعية
ورد في فتوى لموقع «إسلام ويب» ردا على سؤال حول مشروعية تسليم الكمية المخصصة من السلع التموينية من الدولة لآخرين على سبيل التبرع أو الصدقة؟ وهل ينطوي هذا العمل على شبهة شرعية؟
الرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فمن المعلوم أن الدولة تستخدم بطاقات التموين لتوزع على الأسر بحسب حاجتها سلعا بسعر مخفض، أو مكرمة دون سعر كما ذكرت، وتتحمل الدولة في سبيل ذلك تكاليف ضخمة، وتشترط على المنتفع بتلك البطاقات ألا يأخذ أكثر من حاجته، وألا يأخذ بغرض البيع أو التصدق أو غيره. وقد صدرت فتوى حول ذلك الأمر بعد التثبت من الجهات المسؤولة ومعرفة شروطها في منح تلك المكرمة. وقد نصت الفتوى على أن السلع المدعومة من قبل الدولة التي تصرفها للمواطنين مساعدة لهم على متطلبات الحياة من مواد تموينية أو إنشائية لا يجوز التنازل عنها لأحد ولا يجوز لمن أخذ شيئا منها أن يتصرف فيه ببيع أو هبة أو صدقة في غير المقصد الذي أخذت من أجله، وذلك حماية للأهداف التي ترعاها الدولة وامتثالا لأمر ولي الأمر في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) {النساء: 59}. فإن فضل منها شيء كان له الحق في التصرف فيه في غير البيع، وعليه فيؤخذ هذا التموين بقصد التمون، ثم إن فضل منه شيء فلا حرج حينئذ أن يتصرف فيه بالصدقة ونحوها والله أعلم.
0 تعليق