- أزمة نقص الكهرباء لم تكن مفاجئة... والمختصون توقعوها قبل سنوات
- التطمينات بسلامة الشبكة صيفاً أرخت بتداعياتها على القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية
- تأخر الجهات الرقابية في منح الوزارة موافقات تحديث غلاياتها... زاد الطين بلة
- موقف الجهات الرقابية لا يعفي الوزارة من المسؤولية في تنفيذ مشاريع جديدة وتسريع برامج الصيانة
لم يطل مفعول إبر التخدير التي أطلقها مسؤولو وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، قبل أسابيع قليلة، في شأن قدرة الوزارة على مواجهة تحديات الصيف، والقول إن «صيف الكهرباء سيمرّ بسلام»، إذ فاجأت الوزارة الجميع باللجوء إلى القطع المبرمج للتيار خلال الأسبوع الماضي، نتيجة زيادة الأحمال الكهربائية عن قدرة وحدات التوليد، لأسباب أرجعتها الوزارة إلى وجود عدد كبير من وحدات الإنتاج تحت الصيانة استعداداً لموسم الصيف.
إرهاصات الأزمة
وقالت مصادر مطلعة في الوزارة لـ«الراي» إن «بوادر وإرهاصات الأزمة، بدأت تتجلى فعلياً في 2017 عندما شدّد المختصون في الوزارة على ضرورة تنفيذ مشاريع إنتاج كبرى لتلبية احتياجات البلاد من الطاقة الكهربائية، في ظل التوسع العمراني الذي تشهده مناطق البلاد، إلا أن الوزارة ولأسباب عدة لم تتمكن من تنفيذ مشاريع إنتاج حيوية منذ 2012، باستثناء 3 مشاريع توسيعات صغيرة لا تتعدى قدرتها الإنتاجية مجتمعة 1500 ميغاواط».
وأوضحت المصادر أن «غياب الشفافية خلال السنوات القليلة الفائتة، في شأن أزمة نقص الطاقة التي كانت متوقعة، وفقاً لجداول التخطيط والإحصاء التي تعدها الوزارة عبر إداراتها المختصة، جعل التعاطي السريع معها وإيجاد حلول سريعة أمراً غاية في الصعوبة»، مشيرة إلى أن «كثيراً من المواطنين فقدوا الثقة في إجراءات الوزارة» بعد التطمينات التي أطلقت قبل نحو شهرين.
أزمة متوقعة
وذكرت أن «الأزمة التي تمرّ بها الوزارة حالياً لم تكن مفاجئة، وإنما متوقعة، حيث سبق أن حذر ديوان المحاسبة والمختصون بالشأن الكهربائي من أزمة كهرباء تلوح في الأفق، إلا أن الوزارة لم تحرك ساكناً بتنفيذ مشاريع إنتاج جديدة، مكتفية بعمل الصيانات الدورية لوحدات الإنتاج المتهالكة، حيث إن قسماً منها انتهى عمرها الافتراضي وكان مقرراً تحويلها (سكراب) وإنشاء محطات جديدة، لولا حاجة الشبكة للإبقاء على تلك الوحدات وإن كانت متهالكة.
وبيّنت أن «تأخر الجهات الرقابية في منح الوزارة الموافقات اللازمة بالسرعة الكافية لتحديث غلاياتها زاد الطين بلة»، مؤكدة أن «تأخر الجهات الرقابية منح الوزارة موافقتها بالسرعة المطلوبة، لا يعفي الوزارة من تحمل المسؤولية في تنفيذ مشاريع طاقة جديدة وتسريع برامج صيانة الوحدات».
ولفتت إلى أن «تطمينات الوزارة السابقة بسلامة الوضع انعكس سلباً على كثير من قطاعات الدولة، فالمزارعون كان بإمكانهم شراء مولدات احتياطية حفاظاً على مزروعاتهم من التلف، لو كانت هناك شفافية، وكذلك الأمر بالنسبة لأصحاب المصانع بأنواعها والمحال التجارية. ولكن غياب الشفافية جعل من هؤلاء الأفراد ضحايا التطمينات».
توجيهات اليوسف تطمئن المواطنين
تركت متابعة رئيس مجلس الوزراء بالإنابة الشيخ فهد اليوسف الميدانية لأوضاع الشبكة الكهربائية ارتياحاً في ظل موجة انعدام الثقة التي كانت سائدة لدى المواطنين، حيث شكلت توجيهاته لوزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة بالإسراع في أخذ التدابير اللازمة لعدم تكرار اللجوء إلى القطع المبرمج للتيار الكهربائي مستقبلاً، عامل اطمئنان من استمرار الوضع على ما كان عليه سابقاً.
ما ذنب الطلبة وكبار السن ؟
مع تنفيذ وزارة الكهرباء سياسة القطع المبرمج، تتساءل المصادر «ما ذنب كبار السن الذين يعيش بعضهم على أجهزة تنفس، ليتحملوا ضريبة الإخفاق في توفير احتياجات الدولة؟»، مشيرة إلى أن تكرار القطع المبرمج قد يعرض كبار السن هؤلاء للخطر في ظل توقف أجهزة التنفس عن العمل.
كما تساءلت المصادر عن «ذنب طلبة المدارس الذين يعيشيون أوقاتاً عصيبة ويُجبرون على مغادرة المدارس عند انقطاع التيار، حيث سيؤثر ذلك على تحصيلهم الدراسي، فضلاً عن الربكة التي يتم إحداثها لأولياء الأمور الذين يقومون بتوصيل أبنائهم ذهاباً وإياباً؟».
وشددت على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مسألة المدارس وطلبتها في قضية القطع المبرمج، لتحييدها عن تداعيات القطع، ولتستمر المدارس في استكمال مناهجها، في ظل اقتراب العام الدراسي من نهايته، حيث لم يعد هناك متسع من الوقت قبل اختبارات نهاية العام.
ما وضع الصيف؟
يقول المثل إن «المكتوب يُقرأ من عنوانه»، والإخفاق في تخطي أول الاختبارات، يؤكد أن أشهر الصيف التي تصل فيها درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة، ستكون قاسية على المواطنين والمقيمين، والتعويل على الربط الخليجي بمفرده لن يُجدي نفعاً.
ووفقاً لتوقعات إدارة الإحصاء في الوزارة، فإن أقصى استهلاك متوقع سيصل إلى 18600 ميغاواط، بنسبة نمو 4 في المئة عن أقصى حمل استهلاكي تم تسجيله العام الفائت.
الأزمة... متى بدأت؟ ومتى تنتهي؟
في العام 2021، بدأت إرهاصات أزمة نقص الإنتاج الكهربائي تلوح في الأفق، مع توقف الوزارة عن تنفيذ مشاريع إنتاج كهرباء كبرى، معتمدة على مشاريع المحطات التي نفذت في 2009 حتى 2012، ومنها مشروع محطة الصبية بقدرة 2000 ميغاواط، ومشروع محطة الزور الشمالية المرحلة الأولى بقدرة 1500 ميغاواط، إلى جانب بعض مشاريع التوسيعات التي كان يتم إجراؤها في المحطات القائمة بقدرة لا تزيد على 500 ميغاواط.
كما أن توقف الوزارة عن إدخال مشاريع إنتاج كبرى منذ 2012، في ظل وجود نمو في معدل الزيادة السنوية يتراوح من 3 إلى 4 في المئة، جعل مخاطر الأزمة تزداد سنة بعد أخرى إلى أن انتبهت الوزارة إلى الأزمة، وحاولت تنفيذ مشروع محطة الزور الشمالية (المرحلة الثانية) عبر هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بقدرة 1500 ميغاواط. وبالفعل، قامت الوزارة عبر هيئة الشراكة، بطرح وترسية المناقصة وفتح العطاءات الفنية، ومن ثم تم إلغاء المشروع وتأخير طرح مشروع محطة الخيران، الأمر الذي فاقم المشكلة وجعل من الأزمة أمراً واقعاً.
عملياً، بدأت في 2024 ولن تنتهي إلا بتنفيذ المشاريع المدرجة وفق خطة الوزارة خلال السنوات الثلاث المقبلة.
تداعيات
• إرهاصات الأزمة بدأت في 2017 والتحذير كان في 2020 من وقوعها في 2024.
• تهالك بعض وحدات الإنتاج يجعلها عرضة للخروج المفاجئ في أشهر الصيف، والقطع المبرمج سيكون حاضراً.
• استيراد 1000 ميغاواط من الشبكة الخليجية لن يكون كافياً لتغطية الاحتياجات.
• تأخر الجهات الرقابية بمنح الوزارة موافقتها على تحديث وحداتها لا يعفي مسؤولي الوزارة من تحمل المسؤولية.
• التطمينات بأن «صيف الكهرباء سيمر بسلام» انعكس سلباً.
0 تعليق