الحرب في السودان تدخل عامها الثالث مع تفاقم المعاناة الإنسانية وغياب الأفق السياسي 

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

محليات

16

16 أبريل 2025 , 12:08م
alsharq

الدوحة - قنا

دخلت الحرب في السودان عامها الثالث أمس الثلاثاء، مع غياب تام للأفق السياسي، حيث يستمر الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وقد أسفر حتى الآن عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 13 مليون شخص بعضهم الى دول الجوار، وتسبب في أزمة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

وتعد الأزمة الإنسانية الناتجة عن الحرب السودانية واحدة من أكثر الأزمات تفاقما على مستوى العالم، ويواجه نحو 25 مليون شخص - أي ما يقارب نصف سكان السودان - انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع نقص كبير في الغذاء والدواء، ووثقت منظمات حقوق الإنسان انتهاكات خطيرة تشمل القتل العشوائي، الاغتصاب، وتجنيد الأطفال، مما يزيد من معاناة المدنيين الذين باتوا عالقين بين مطرقة الصراع وسندان الفقر.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه بعد مرور عامين من الحرب المدمرة، لا يزال السودان عالقا في أزمة ذات أبعاد مذهلة يدفع فيها المدنيون الثمن الأعلى، وأضاف في بيان صحفي، إن أعمال القصف والغارات الجوية العشوائية تواصل قتل وتشويه الناس، فيما تهاجم الأسواق والمستشفيات والمدارس وأماكن العبادة ومواقع النزوح.

وتطرق غوتيريش إلى تدمير الخدمات الأساسية وحرمان ملايين الأطفال في التعليم، وعدم قدرة سوى أقل من ربع المنشآت الصحية على مواصلة العمل في أكثر المناطق تضررا. وأشار إلى الالتزامات التي أعلنتها الأطراف المعنية بشأن حماية المدنيين، بما في ذلك الواردة في إعلان جدة في مايو 2023، بالإضافة إلى الالتزامات التي تقع عليها بموجب القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان، مؤكدا ضرورة ترجمة مثل هذه الالتزامات إلى عمل حاسم. وأعرب الأمين العام عن القلق البالغ بشأن مواصلة تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان بما يسمح باستمرار الصراع وانتشاره وشدد على ضرورة توقف تدفق الأسلحة. وقال إن على المتمتعين بأكبر نفوذ لدى الأطراف السودانية، استخدام هذا النفوذ لتحسين حياة شعب السودان بدلا من إطالة أمد هذه الكارثة.

كما حذر فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن الاستمرار في غض الطرف عن الوضع في السودان مع دخول الحرب عامها الثالث، ستكون له "عواقب كارثية" على البلد والمنطقة، ودعا غراندي في بيان إلى بذل كل الجهود لإحلال السلام في السودان، مطالبا بزيادة المساعدات الإنسانية وتعزيز الدعم للتنمية، مشيرا إلى أن الاستمرار في تجاهل الوضع سيؤدي إلى عواقب كارثية، محذرا كذلك الأوروبيين من تدفق اللاجئين السودانيين في حال عدم تقديم المساعدة الكافية.

وفي غضون ذلك حذر برنامج الغذاء العالمي من أن السودان يواجه خطر التحول إلى أكبر أزمة جوع في العالم في التاريخ الحديث مع استمرار الصراع هناك وتدمير سبل العيش والبنية الأساسية وطرق التجارة وسلاسل التوريد. وقال إن المجاعة المستمرة تتفاقم في السودان الذي بات المكان الوحيد في العالم الذي يعاني من هذا المستوى من الجوع، وحذر البرنامج من أنه بدون المساعدات الإنسانية، فقد يموت مئات الآلاف، وقال إنه تم تأكيد المجاعة في أغسطس من العام الماضي 2024 في مخيم زمزم للنازحين، وأضاف أن المجاعة امتدت الآن إلى عشر مناطق جديدة وباتت تهدد سبع عشرة منطقة أخرى، مشيرا إلى حاجته بشكل عاجل إلى 650 مليون دولار أمريكي لمواصلة عملياته الإنسانية في السودان.

كما حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة /اليونيسف/ من أن عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية في السودان ارتفع من 7.8 مليون طفل في بداية عام 2023 إلى أكثر من 15 مليون طفل الآن، وقالت إنه ما لم تتخذ إجراءات عاجلة، فقد تزداد حدة الأزمة الإنسانية المروعة في السودان فتصبح كارثة أكبر. وأكدت المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل، أن عامين من العنف والتهجير قد دمرا حياة ملايين الأطفال في جميع أنحاء السودان، بينما تتجاوز الاحتياجات الإنسانية التمويل المتاح.

وقالت المنظمة إن عدد الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في السودان ارتفع بمقدار 10 أضعاف خلال عامين، وتضيف أن مثل هذه الانتهاكات كانت في الماضي محصورة في مناطق، مثل دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، لكن استمرار النزاع تسبب في امتدادها لأكثر من نصف ولايات السودان التي يبلغ عددها 18 ولاية. وتشمل الانتهاكات الخطيرة المتكررة التي تم التحقق من وقوعها: القتل والتشويه، واختطاف الأطفال، والهجمات على المدارس والمستشفيات.

وفي غضون ذلك، دعت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، إلى "وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار" في السودان، وحثت في بيان مشترك طرفي الصراع على الانخراط بشكل هادف في مفاوضات جادة وبناءة، بينما تعهدت الدول المشاركة في مؤتمر لندن بشأن الوضع في السودان، الذي انعقد أمس الثلاثاء في العاصمة البريطانية، بتوفير أكثر من 800 مليون يورو كمساعدات إضافية، لدعم الجهود الإنسانية في السودان.

ودعا المشاركون في المؤتمر، الذي نظم بمبادرة من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا والاتحاد الإفريقي، إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في السودان، مؤكدين في بيانهم الختامي ضرورة الحفاظ على وحدة البلاد، ومنع أي تدخل خارجي في الصراع. كما شددوا على أن الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة وضمان مستقبل مستقر للسودان وشعبه.

هذا وقد أكد علي يوسف وزير الخارجية السوداني، أن القوات المسلحة السودانية تسيطر على معظم أنحاء البلاد، باستثناء أجزاء من ولايات دارفور و "جيوب محدودة" في ولايات كردفان وجنوب أم درمان، مشيرا إلى استمرار عملياتها لحماية المدنيين، مجددا التأكيد على استعداد السودان لوقف إطلاق النار بشرط انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق التي تحتلها، ووقف عملياتها، وتسليم أسلحتها الثقيلة، وأشار إلى تقديم خارطة طريق بهذا الشأن للأمم المتحدة.

وعلى الرغم من المحاولات الدولية للتوسط في النزاع، لم تحقق الجهود السياسية تقدما ملموسا، ومع دخول الحرب عامها الثالث، تبدو التوقعات المستقبلية قاتمة، وتنذر باستمرار الصراع ، وتفاقم الأزمة والمعاناة الإنسانية.

وتعد الأزمة الإنسانية في السودان من أكبر الأزمات في العالم، فبحسب تقارير أممية، يحتاج حوالي 30 مليون شخص إلى المساعدة، في حين امتدت عواقب هذا النزاع المستمر إلى ما وراء حدود السودان، إذ عبر حتى الآن نحو 3.8 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة، حيث تستضيف مصر أكثر من 600 ألف لاجئ، وتشاد أكثر من 700 ألف لاجئ، مع تقديرات بارتفاع العدد إلى نحو مليون لاجئ في تشاد بحلول نهاية 2025.

أخبار ذات صلة

مساحة إعلانية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق