في سنة 1982 فازت الكويت على كوريا الجنوبية في مباراة مفصلية في كرة القدم، ما اهلها لتمثيل اسيا في "مونديال" اسبانيا حينذاك.
هناك عدد من لاعبي الفريق الكويتي لم يكونوا كويتيين، بمعنى لا يحملون الجنسية الكويتية، الامر الذي اضطر الشهيد فهد الاحمد، الذي كان يقود الكرة الكويتية عالمياً الى تجنيس اللاعبين غير الكويتيين.
وهؤلاء في الواقع لم يجلبهم من خارج الكويت ولا كانوا اجانب، بمعنى انهم غير عرب، بل كانوا من ابناء المقيمين في الكويت، لكنهم لا يحملون الجنسية الكويتية، او من الموصوفين حالياً "بدون".
كان بين هؤلاء الرياضيين من مواليد الكويت، بمعنى من ارض الكويت وشرب من ماء الكويت، واكل سمكها وجرادها، وطرثوث الكويت، اضافة الى تعليمهم في مدارسها، وبعضهم التحق بالكليات العسكرية، شأنه شأن ابناء الكويتيين.
هؤلاء ولدوا وكبروا في الكويت، وحسبوا انفسهم كويتيين، وليسوا وافدين قادمين اقامة موقتة، وهؤلاء جراء حبهم للرياضة، ولكرة القدم استقطبتهم، الاندية الكويتية للانضمام الى فرقها، فكانت كرة القدم، التي يموت في عشقها الشباب الكويتي بعد تكوين "كأس الخليج" في السبعينات من القرن الماضي، قد حازت الكويت عشر دورات بالكأس، بلا منافس، الامر الذي لقبها بـ"ملكة الكرة" وبطلة الكرة الخليجية.
كان احمد الطرابلسي الذي نزحت اسرته الى الكويت في الستينات من القرن الماضي من لبنان، كان رياضياً وكروياً، فاستقطبه نادي الكويت الرياضي، ما جعله ان ينفرد بلقب حارس المرمى الاول، وان يرتدي الفانيلة الزرقاء، ويمثل الكويت في "اولمبياد" كأس العالم 1982 باسم الكويت، لا باسم لبنان وطنه الاصلي.
ولتميزه، وتميز لاعبي كرة اخرين، الذين بيضوا وجه الكويت على الساحة الخليجية اولاً، والساحة العالمية تالياً، وتكريماً لهؤلاء الرياضيين الابطال، بادرت الدولة إلى تجنيسهم، وهو قرار مستحق لكل من يعمل بحب واخلاص للكويت.
احمد الطرابلسي وفتحي كميل، واخرون الذين لا تحضرني اسماؤهم الآن، حازوا على جنسياتهم منذ ما يزيد عن نصف قرن، الامر الذي يؤكد انتماءهم للكويت، وليس لاي دولة قدموا منها إلا الكويت، تزوجوا وكونوا اسرا، والابناء كويتيون واقعا وحقيقة، فهل يستحقون الان، او غيرهم، ان تسقط جنسياتهم بدم بارد وكانهم حرامية، او سرقوا شهادات الجنسية من ادراج وزارة الداخلية؟
قانون الجنسية يقرر ان في العشر سنوات الاولى من حصول المتجنس على الجنسية هي بمثابة فترة اختبار، يجوز للحكومة سحبها منه اذا اخل بالقانون، فهل اخل احمد الطرابلسي، الذي عرف بتدينه، وهو قارئ القرآن، والمؤذن الخاص في شهر رمضان، والعسكري، والرجل الخلوق، والذي وصل من العمر عتيا ان يتم سحب جنسيته، ونقول له خلاص انتهى دورك عد من حيث اتيت، وين صارت هذي الا في هذي الكويت، التي لم نعد في هذا الزمن نقدر الكفاءات، ونميز بين الناجح والفاشل والمخلص والخائن، صار الجميع لون رمادي؟
انا تجاوزت بوابة الثمانين، واعود بذاكرتي الى ذلك الزمن الستيني والسبعيني، الذي ربما الكثير من هذا الجيل، او من الزمن الحالي لم يعيشوه، ولم يخبروه.
كانت الكويت غير الكويت الحالية، كان هناك فن في الرياضة، وفن غناء، فن تشكيلي ونحت وخزف، ومعارض لا يمر اسبوع الا وانت مشغول بحضور المعارض ومشاهدة الابداع الفني في التشكيل والنحت.
وبعدما تكون قد خرجت من ملعب لكرة قدم حيث، قمت بمتابعة مبارات بين فريقين من فرق الاندية المحلية، او فرق زائرة، اما في المساء فلا تخلو المسارح من حفلات غنائية او مسرحيات او مهرجان شعري.
وين كنا ووين صرنا، زمن تسوده الكآبة والقتامة، والتكفير، والطامة الكبرى سحب جناسي، ماذا اصابنا، هل هو حسد او مؤامرة ام تصفية حسابات، ام جهل في زمن العالم الواحد الذي قد يضحك علينا؟
صحافي كويتي
0 تعليق