سأل أحد المتواجدين عن أمره واستفهم عن خطبه واستفسر عن وضعه؛ فأجابه آخر يعرفه حق المعرفة: الكبر عندما يشب في قلب الإنسان يبدأ يدب فيه داء الحسد؛ فتجده دائما يغتم ويحزن ويتكدر ويستاء عند حدوث نعمة أو حصول سرور أو تجدد فرحة للآخرين ولا يفرح لهم ولا يستطيع أن يقدم لهم التهاني والتبريكات على تحقيقهم لأي نجاح أو حصولهم على أي إنجاز، ويكون ذلك ثقيلا جدا على نفسه بل إنه يفرح كثيرا ويشعر بارتياح شديد ويحس بسعادة كبيرة عند نزول مكروه بالآخرين.
تدخل أحد الجالسين في الحديث قائلا: الحسد خلق ذميم وصفة حقيرة وسمة وضيعة لا تكون إلا في النفس التي تعجز عن فعل الخير وتتمنى زواله عن الآخرين، وحين يتعمق داء الحسد في نفس الحاسد ويصل إلى درجة الحقد؛ فإنه يدفع صاحبه لارتكاب حماقات كارثية؛ فهو يغلف القلب بغلاف شديد الصلابة يقطع صلته بالواقع ويمنعه صناعة مشاعر الود والمحبة والإخاء والألفة والرأفة بالآخرين، ولو كانوا من أقرب المقربين منه، وقد يشعر الحاسد وقد لا يشعر أنه أول المتضررين؛ فالحسد جحيم متقدة أول ما تحرق موقدها ونار مشتعلة أول ما تلفح مشعلها وسعير متأججة أول ما تشوي مذكيها.
فيا أيها الحاسد: ألا يكفي أنك تكاد تميز من الغيض وتتقصف غضبا ويكاد ينفصل بعضك عن بعض لشدة اضطرابك، ألا يكفي أن كل من عندك صاروا يرونك مجلوطا، وجميع من حولك باتوا يشاهدونك مقهورا بسبب نجاح غيرك وتميزهم وتفوقهم وتحقيقهم لأهدافهم، أسدِ لنفسك خدمة واعمل على تكوين نفسك وتحقيق أهدافك، وانشغل بتطوير مهاراتك واترك الآخرين وشأنهم ودع الناس ونجاحاتهم وارحم نفسك.
0 تعليق