بمناسبة اليوم العالمي للكتاب.. مؤلفون وأكاديميون : "جائزة الكتاب العربي" عززت مكانة المعرفة وكرمت الباحثين الأكفاء

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يحتفي العالم غدا الأربعاء، باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، والذي يوافق الثالث والعشرين من إبريل من كل عام، والذي اختارته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" تعبيرا عن تقدير العالم أجمع للكتاب والمؤلفين، والاعتراف بعطائهم المتميز ومساهمتهم في النهضة والتنوير والتقدم الاجتماعي والثقافي للإنسانية، بالإضافة إلى تشجيع القراءة، والبحث، والنقد.

وبهذه المناسبة، أكد مؤلفون وأكاديميون في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أهمية الكتاب في الثقافة العربية والإسلامية والحضارة الإنسانية، ودور العلماء العرب والمسلمين البارز في تصنيف الكتب والموسوعات في العلوم المختلفة، المادية والنظرية والأدبية والشرعية، وتأسيس نواة قوية لانتقال العلم وتطوره. وثمنوا جهود دولة قطر في تعزيز مكانة الكتاب في الوطن العربي والتمكين له وتشجيع المؤلفين والباحثين الأكفاء من خلال "جائزة الكتاب العربي" التي تعد من أرفع الجوائز في هذا المجال.

وبهذا الصدد، قال الكاتب والأكاديمي اللبناني الدكتور رمزي بعلبكي، الحاصل على جائزة الكتاب العربي 2025 في فئة الإنجاز، في تصريح لـ/قنا/: "لعل اللغة العربية لم تكرم مفردة من مفرداتها كما كرمت "الكتاب". وحسب هذه الكلمة شرفا أنها صارت علما على التنزيل الشريف، فيقال عن كتاب الله عز وجل: "الكتاب"، على إطلاق الكلمة.

وقد كرم العرب مفهوم "الكتاب" قديما، فصنفوا في شتى أنواع الآداب والعلوم مصنفات أصيلة، وعنوا بترجمة الكتب وبفهرستها وحفظها في مكتبات خاصة وعامة. ولولا ذلك لما بلغ العرب ما بلغوه من أثر بارز في تاريخ الحضارة الإنسانية والإبداع الفكري والرقي المعرفي.

وأكد أن النهضة المرجوة اليوم لعالمنا العربي لا بد أن يكون للكتاب - بمعناه الأوسع - مركز الصدارة فيها. فمجتمعاتنا العربية ما زالت مقصرة، على وجه العموم، في تشجيع المؤلفين، وفي تهيئة الفرص اللازمة لإبداعهم، وفي حفظ حقوقهم الفكرية. ولربما كان اليوم العالمي للكتاب مناسبة تذكرنا بأن الثقافة عمادها الكتاب المصنف في أي علم من العلوم وفي أي شكل من أشكال النشر، ورقيا كان أم إلكترونيا. ومع تغير وسائل نشر المعرفة، ما زال الكتاب هو السلاح الأمضى لنهضة المجتمعات والارتقاء بأبنائها إلى مكان مرموق. ولنا في عالمنا العربي المعاصر ما يهيئنا أن نتبوأ أسمى المواقع في الإنتاج المعرفي والإبداع الأدبي والتطور العلمي.

وأضاف: لقد كان لي هذا العام شرف الحصول على جائزة الكتاب العربي عن فئة الإنجاز. وقد يذهل السامع حين يعلم أن عدد المتقدمين للفروع الخمسة للجائزة بلغ 1261 عالما. إن في هذا العدد الهائل لدليلا بينا على أمرين: أولهما وفرة العلماء والطاقات في عالمنا العربي، والثاني أن هذه الجائزة الفتية قد استقطبت - وهي بعد في بداياتها - هذا الاهتمام العريض. ويقيني أن الجائزة في انطلاقتها قد اعتمدت معايير دقيقة وصارمة في تخير موضوعاتها وفي حرصها على أعلى المستويات الأكاديمية في عملها.

ونوه الدكتور رمزي بعلبكي، بفضل دولة قطر الكبير على الكتاب العربي. وأضاف :" فقد احتضنت وأنجزت معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، الذي شرفت برئاسة مجلسه العلمي منذ نشأته. وها هي اليوم مجددا، واستنادا إلى نظرة ثاقبة ومستشرفة لآفاق المستقبل، تولي الكتاب العربي ما يستحق، تحقيقا لنهضة مأمولة، وتكريما للمعرفة ولأهل المعرفة".

ومن جانبه أوضح الكاتب والأكاديمي المغربي الدكتور عبدالرحمن بن محمد بودرع، الفائز بجائزة الكتاب العربي 2025 في مجال الدراسات اللغوية والأدبية في تصريح لـ/قنا/: أن اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف ، هو حدث كبير مشهود ذو طابع علمي حضاري؛ لأنه يلفت الانتباه إلى أهمية الكتاب في حياة الأمم، وما له من تأثير عميق في بناء صرح العلم والثقافة، وإن الأمة التي تحترم نفسها وتراعي قيمتها بين الأمم، تعقد أهمية بالغة، على الكتاب في حياة أبنائها ومواطنيها، فالكتاب واسطة تعليم وتثقيف ونقل للتجارب العلمية المثمرة، ولا يستقيم الحديث عن أهمية الكتاب إلا في ضوء معايير التأليف العلمية الصارمة التي ينبغي الالتزام بها في التأليف والتوثيق والإخراج ومراعاة الحاجة إلى التزود المستمر، وما تقدمت أمة إلا لأنها أولت الكتاب أهمية قصوى وأدرجته ضمن الحاجات الضرورية لحياة الأفراد والجماعات، وكلنا نذكر كيف استطاع العلماء المسلمون تصنيف الكتب والموسوعات في العلوم المختلفة، المادية والنظرية والأدبية والشرعية، فأسسوا نواة قوية المادة لانتقال العلم وتطوره، أفادت منها الأجيال فيما بعد وما زالت تستفيد مما وضعوه.

وفي هذا السياق يندرج الاحتفاء بـ "جائزة الكتاب العربي" بدولة قطر، التي أخذت تثبت مكانها الدولي شيئا فشيئا في اتجاه توطين الكتاب العربي وتثبيته والتمكين له في عالم القراءة والكتابة والتأليف، وفي تشجيع المؤلفين والباحثين الأكفاء، والناشرين المقتدرين، على الإبداع الفكري والثقافي، وعلى جودة التأليف والإخراج، حتى يصبح الكتاب حاجة من الحاجات الملحة في حياة الأمة والفرد والجماعة، لا يستغنى عنه لضمان تحقيق النمو الذهني والتطور العلمي والثقافي.

وأثنى الدكتور بودرع على جهود منظمي ورعاة جائزة الكتاب العربي في قطر، معربا عن سروره وسعادته بما حظي به الكتاب الذي تقدم به ضمن الكتب المرشحة للدورة الثانية (2025)، وهو "بلاغة التضاد في بناء الخطاب، قضايا ونماذج"، قائلا: كان من فضل الله أن أحرز المركز الأول ضمن البحوث والدراسات اللغوية والأدبية، فكانت تجربة رائعة جدا، أحسست فيها بقيمة هذه الجائزة في الدفع والتشجيع، ولفت الانتباه إلى قيمة الجهود التي تبذل في التأليف والنشر، ولا أخفي أنني بذلت في هذا الكتاب جهدا علميا مركزا لتبليغ فكرة جديدة حاولت أن أبرهن من خلالها على أن فكرة المقابلات الضدية بعد آخر وطريقة أخرى في بناء الخطاب وقراءته وتأويله، ووجهة ثانية في النظر إلى العالم وفهمه وتغييره، بعد أن سادت أحادية البعد المنطقي حقبة طويلة، ويقتضي موقع النظر الجديد أن يعاد ترتيب العلوم والمعارف وبناؤها عبر المداخل اللغوية. وقد جاء هذا الكتاب حلقة متأخرة في سلسلة مشروع علمي طويل متخصص في لسانيات الخطاب، وما زال العمل موصولا ممتدا.

وبدوره، أكد الكاتب والأكاديمي الجزائري الدكتور عبد الرزاق بلعقروز في تصريح لـ/قنا/: أن اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، يُعَدُّ لحظة من لحظات الوعي بالدَّور الحاسم للمعرفة والقراءة في تنمية المجتمعات، وفي رفع قيمة المعرفة كبنية للتَّواصل بين الثقافات بخاصة المعاصرة منها، وإن كان من دور للثقافة والكتاب فهو اليوم لافت؛ وبكل قوة: فالتَّعارف والتَّواصل الذي يكون لسانه الكتاب؛ هو أمتن التَّعارفات والتَّواصلات، والمجتمع الذي يؤسس لنهضته انطلاقا من فعل القراءة هو مجتمع يرسي قواعده في تربة متماسكة وخصبة ومثمرة ، لأجل ذلك؛ فإن الثقافة العربية؛ والتي هي ثقافة الكَلِمْ والحرف والمعرفة، من الحري بها، استئناف هذا العطاء وتقديمه للإنسانية من جديد، من خلال بناء الصِّلات المعرفية مع مجتمعات اليوم، والتَّعريف بالموروث الثقافي العربي المبدع، وتثقيف هذا الفضاء الكوني الذي هو في حاجة ماسة إلى الكتاب أكثر من حاجات أخرى، واعتقد أن الثقافة العربية حقيقة بهذا الدَّور الحضاري.

وأشار إلى أنه:" في ظل هذا الحاجة إلى تنمية العقول بالمعرفة وتقدير الكتاب، تأتي جائزة الكتاب العربي، كي تكون في طليعة المشاريع التي تكتشف المبدعين في الفضاء العربي، وتنتخب الكتب التي يمكن لها الاضطلاع بدور التثقيف والبناء؛ فهي فضلا عن كونها جائزة لها دور حضاري؛ فإنَّ مدارات اهتمامها تلامس الحيّز الرُّوحي في الإنسان، أي مكونات الإنسان الفكرية والتاريخية واللسانية والشرعية والعلمية، ذلك أنّ منحى مقاصدها إنّما هو : نظام الإنسان وليس نظام الطّبيعة؛ وهذا ما أكسبها مكانة رفيعة وشأنا جليلا؛ وإذ تبينت قيمة الجائزة، فإننا جدراء بأن نصرف القول بأن جائزة الكتاب العربي، قد ولدت بصيغة من صيغ الاكتمال والجودة، نتلحَّظ هذا، في الإقبال على الترشح لها، وتنوع من يتقدم لها أيضا، وفي احتضانها من دولة قطر، الذي باتت اليوم مركزا من مراكز الإشعاع العلمي والثقافي عربيا وعالميا".

وعن تجربته في الفوز بجائزة الكتاب العربي 2025 في مجال الدراسات الاجتماعية والفلسفية، عن كتابه "الاتصاف بالتفلسف: التربية الفكرية ومسالك المنهج" قال الدكتور بلعقروز:" لقد كانت مليئة بالفرح والشُّعور بالمسؤولية الحضارية تجاه واجبنا نحو عوالم الثقافة العربية والإنسانية، وكانت أيضا تعزيزا لدور الفلسفة ضمن آفاق تنمية الإنسان، ليس فقط من جانبه المادي، بل من جانبه الفكري والرُّوحي؛ وهذا الأخير هو أكثر أهمية في ظل عالم؛ يتجه نحو فقدان إنسانية الإنسان الروحية والأخلاقية وحتى العلمية، ففوزي بهذه الجائزة، إنما هو تكليف حضاري باستمرار القراءة وإنتاج الكتاب الموجه نحو حاجات الإنسان الروحية والفكرية؛ فالكتاب ليس مجرد خواطر وحروف مخطوطة؛ بل هو فعل روحي يكابد أزمات الواقع ويجتهد لأجل إنارة الدروب نحو الأدوات التي ترتفع بالإنسان من التقليد واللاّمعنى إلى الاستبصار ورؤية معالي الأمور فالحرف إذن، يجب أن يسكن في مشروع تغيير الإنسان نحو الأفضل، وليس فقط وصفه وتحليل أفعاله. فالواجب هنا، يفوق الواقع".

جدير بالذكر أن جائزة الكتاب العربي، أطلقت عام 2024 ضمن جهود دولة قطر الريادية في دعم الثقافة العربية وتكريم القائمين عليها.

وتهدف الجائزة، التي تقام سنويا، إلى إثراء المكتبة العربية، من خلال تشجيع الأفراد والمؤسسات لتقديم أفضل إنتاج معرفي، وتكريم الدراسات الجادة والتعريف بها، والإشادة بجهود أصحابها، فضلا عن دعم دور النشر الرائدة للارتقاء بجودة الكتاب العربي شكلا ومضمونا.

ويذكر أن اليونسكو قد اختارت الثالث والعشرين من إبريل عام 1995 يوما عالميا للكتاب وحقوق المؤلف، وهو يصادف ذكرى رحيل وليم شكسبير وميغيل دي سيرفانتس.

ويتم في الاحتفال بهذا اليوم تسليط الضوء على قيمة الكتب ورمزيتها ودورها في بناء الجسور بين الماضي والحاضر وفتح الآفاق نحو المستقبل. وتتكاتف دور النشر والمكتبات والمعاهد الثقافية وروابط المؤلفين في مختلف أنحاء العالم للترويج للقراءة وصناعة النشر وحماية الملكية الفكرية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق