في السنوات الأخيرة، أصبحت البرامج الفنية مزيجًا غير متوازن بين الترفيه والإعلام، بين الهزار والجد، وبين التسويق والمهنية. وإذا أخذنا أمثلة من برامج مثل "رامز"، و"سهرانين"، و"معكم منى الشاذلي"، و"كلام الناس"، يتضح تمامًا هذا الانقسام.
"رامز"… حين يتحول الفن إلى مقلب
برامج رامز جلال، رغم شعبيتها الجارفة ونسب المشاهدة العالية، إلا أنها أقرب لعروض السيرك منها إلى الإعلام الفني الحقيقي. هي برامج ترفيهية بحتة، قائمة على إثارة الجدل والضحك، ولا تحمل أي قيمة فنية حقيقية أو نقاشات تعزز من مكانة الفن أو الفنان. إنها تسويق ترفيهي للضيوف، وأحيانًا تسويق للمنصات والمنتجات.
"سهرانين"… المزج بين النكتة والذكريات
برنامج "سهرانين" لأمير كرارة يسير على خط رفيع بين الترفيه والإعلام، لكنه يميل أكثر إلى الجانب الترفيهي. يقدم حلقاته بنكهة خفيفة، مليئة بالنكت والطرائف، لكنه لا يتعمق كثيرًا في مسيرة الفنان أو الصناعة الفنية. هو برنامج يستضيف الفنان كـ"نجم"، لا كـ"صانع فن"، مما يفقد اللقاء عمقه المهني أحيانًا.
"معكم منى الشاذلي"… آخر قلاع المهنية؟
بين كل ما يُعرض، يظل برنامج "معكم" لمقدمته منى الشاذلي واحدًا من القلائل الذين يحافظون على طابع المهنية في الطرح، دون أن يتجاهلوا أهمية الترفيه. منى تعرف كيف تستخرج من ضيفها لحظاته الإنسانية، نجاحاته، إخفاقاته، وحتى آرائه الجادة، في قالب يليق بالمشاهد العادي والمثقف على السواء. هي تحاور الفنان، لا تُسلِّي به فقط.
"كلام الناس"… السوشيال ميديا على الشاشة
برنامج "كلام الناس" الذي تقدمه ياسمين عز لا يهدف للإعلام الفني بقدر ما يسعى لمواكبة التريندات.
يعتمد على لغة خفيفة، محتوى مثير للجدل، وحضور كاريكاتوري هو تسويق للجدل وليس للمحتوى قد يجذب فئة معينة، لكنه لا يُعد منصة جادة للنقاش الفني.
الخاتمة :
المهنية ما زالت موجودة، لكنها مهددة. البرامج الفنية اليوم انقسمت إلى نوعين:
نوع يحتفي بالفنان كصانع محتوى وفكر، مثل "معكم"، ويحاول الحفاظ على قيمة اللقاء الفني.
ونوع يستخدم الفنان كوسيلة ترفيهية، مثل "رامز" و"كلام الناس"، فيصبح الضيف مجرد وسيلة لإثارة التفاعل.
0 تعليق