اقتصاد
0

الدوحة - قنا
توقع بنك قطر الوطني /QNB/ تخفيض البنك المركزي الأوروبي لسعر الفائدة الأساسي بحلول نهاية عام 2025 إلى 1.50 بالمئة، أي أقل من المستوى المحدد، وذلك في ظل تزايد المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي بشكل أكبر من المخاوف الأخرى المرتبطة بالتضخم.
وأشار البنك في تقريره الأسبوعي إلى أنه تمت السيطرة على ارتفاع معدلات التضخم في منطقة اليورو أخيرا في العام الماضي، بعد دورة غير مسبوقة من زيادات أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي، الذي كان قد بدأ سلسلة تشديد قياسي للسياسة النقدية شملت 10 زيادات متتالية لأسعار الفائدة في منتصف عام 2022، مما أدى إلى ارتفاع سعر الفائدة الأساسي على الودائع من -0.5 بالمئة إلى 4 بالمئة. وبعد فترة من السياسة النقدية المشددة للغاية، تراجع التضخم بشكل مطرد من ذروته البالغة 10.6 بالمئة نحو نسبة 2 بالمئة المستهدفة في السياسة النقدية.
وأضاف التقرير، في يونيو من العام الماضي، ومع ارتفاع معدل التضخم بمقدار نصف نقطة مئوية عن النسبة المستهدفة، شعر البنك المركزي الأوروبي أخيرا بالثقة في أن ضغوط الأسعار انحسرت بالقدر الكافي، فبدأ مرحلة جديدة من تخفيضات أسعار الفائدة، مشيرا إلى أن عملية إعادة الضبط التدريجي أدت إلى رفع سعر الفائدة على الودائع إلى 2.25 بالمئة في شهر أبريل من العام الجاري. ولكن اتخاذ المزيد من القرارات بشأن أسعار الفائدة سيصبح أكثر صعوبة، حيث يتم تقييم البيانات الواردة على أساس "كل اجتماع على حدة"، ويحاول صناع السياسات الموازنة بين الضغوط المستمرة في الأسعار وتوقعات النمو على المدى القصير، التي لا تزال متشائمة لمنطقة اليورو.
ولفت بنك قطر الوطني في تقريره إلى أنه لدى البنك المركزي الأوروبي حيزا واسعا للاستمرار في تخفيض أسعار الفائدة هذا العام، مدفوعا بعاملين أساسيين. العامل الأول: بعد البقاء على حافة الركود خلال العامين الماضيين، هناك تشاؤم متزايد يشير إلى عام آخر من الأداء المخيب للآمال في منطقة اليورو ككل خلال عام 2025. فعلى الرغم من معدلات النمو الاقتصادي المشجعة في دول مثل البرتغال وإسبانيا واليونان وهولندا، إلا أن النمو الإجمالي لمنطقة اليورو تأثر سلبا بمعدلات النمو الضئيلة في أكبر ثلاثة اقتصادات أوروبية، وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. وخلال الأشهر العشرة الأخيرة، أشارت بيانات مؤشر مديري المشتريات إلى ركود. مؤشر مديري المشتريات هو مؤشر قائم على الاستطلاعات يقيس مدى تحسن أو تدهور الأوضاع الاقتصادية. وظل مؤشر مديري المشتريات المركب، الذي يتتبع التطورات المشتركة في قطاعي الخدمات والتصنيع، أقل أو بالقرب من عتبة الـ 50 نقطة التي تفصل بين الانكماش والتوسع في النشاط العام، مما يشير إلى حالة من الركود الاقتصادي.
وتابع، علاوة على ذلك، ظلت توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2025 في مسار تنازلي منذ منتصف عام 2024. وفي بداية العام الماضي، أظهر استطلاع لـ/بلومبيرغ /وتيرة متوقعة للتوسع الاقتصادي بنسبة 1.4 بالمئة. وهو أعلى بشكل مشجع من متوسط النمو السنوي البالغ 1.1 بالمئة لمنطقة اليورو في العقدين الماضيين. ومع ذلك، فقد تلاشى هذا التفاؤل النسبي الأولي تدريجيا على خلفية التباطؤ الصناعي وأزمة الطاقة المستمرة وتصاعد النزاعات التجارية العالمية، مما أدى إلى انخفاض توقعات النمو إلى ما دون المتوسط عند 0.9 بالمئة.
ولفت التقرير إلى أن التوقعات الاقتصادية الضعيفة لمنطقة اليورو، وخاصة في سياق تزايد السياسات الحمائية والتعريفات الجمركية والانقسامات الجيوسياسية، تزيد من احتمالية إجراء البنك المركزي الأوروبي تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة.
أما العامل الثاني: فيتمثل في تمام السيطرة على نمو الأسعار، وتتزايد الآن مخاطر انخفاض التضخم بشكل ملحوظ عن المستوى المستهدف من قبل البنك المركزي الأوروبي. حيث أصبح التضخم في قطاع الخدمات نقطة محورية في النقاشات بشأن السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي، تتأثر الخدمات بشكل أقل نسبيا بأسعار السلع الأساسية العالمية والسلع المتداولة الأخرى، وبالتالي فهي تعطي معلومات عن ديناميكيات الأسعار المحلية الأساسية. وتظهر أحدث بيانات أسعار المستهلكين أن التضخم "الأساسي" الشهري، من حيث القيمة السنوية، يواصل الانخفاض بثبات نحو المعدل المستهدف في السياسة النقدية البالغ 2 بالمئة، بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يؤثر عدم اليقين جراء الحروب التجارية المتصاعدة سلبا على الاستثمار والطلب الاستهلاكي، مما يخفف من ارتفاع الأسعار.
وأكد التقرير، أن تراجع زيادات الأجور سيؤدي إلى تقليل ضغوط الأسعار على قطاع الخدمات كثيف العمالة، حيث يعد مؤشر تتبع الأجور الجديد للبنك المركزي الأوروبي مقياسا يجمع البيانات من آلاف اتفاقيات المفاوضة الجماعية، مما يوفر معلومات استشرافية قيمة بشأن تطور الأجور. بعد أن بلغ ذروته في الربع الرابع من عام 2024، كما يظهر مؤشر تتبع الأجور تباطؤا سريعا في نهاية هذا العام، مما يعكس انخفاضا حادا في ضغوط الأجور. وظلت بعض مقاييس توقعات التضخم التي يحسبها البنك المركزي الأوروبي أقل من المعدل المستهدف. حيث يظهر استطلاع الخبراء الاقتصاديين الذي أجراه البنك المركزي الأوروبي مؤخرا توقعات للتضخم تبلغ 1.9 بالمئة لعام 2026، في حين تشير التوقعات التي تنطوي عليها أدوات السوق المالية إلى مستوى أقل بكثير بالفعل. يبرر هذا التوجه الملحوظ نحو انخفاض التضخم قيام البنك المركزي الأوروبي بالمضي قدما في دورة خفض أسعار الفائدة.
وخلص البنك في تقريره إلى القول إنه وبشكل عام، يعتقد أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض سعر الفائدة الأساسي بحلول نهاية عام 2025 إلى 1.50 بالمئة، أي أقل من المستوى المحدد في إجماع التوقعات، وذلك في ظل تزايد المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي بشكل أكبر من المخاوف الأخرى المرتبطة بالتضخم.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
0 تعليق