ألسنة اللهب تقترب من تراث الأندلس وإنقاذ معلم إسلامي عمره 1,000 عام في اللحظة الأخيرة

خالد سليمان

حريق هائل في مسجد-كاتدرائية قرطبة: رجال الإطفاء ينجحون في السيطرة على النيران

اندلع حريق كبير في مسجد-كاتدرائية قرطبة، أحد أبرز المعالم التاريخية في جنوب إسبانيا، مساء الجمعة، لكن رجال الإطفاء تمكنوا من السيطرة على النيران وإخمادها، مما حال دون وقوع كارثة محتملة.

وفقًا للتقارير، بدأ الحريق في حوالي الساعة التاسعة مساءً (19:00 بتوقيت غرينتش) في منطقة توسعة المنصور، ويُعتقد أنه ناتج عن ماس كهربائي في مكنسة كهربائية داخل مخزن بالمبنى. وقد أظهرت مقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي ألسنة اللهب والدخان تتصاعد من المعلم الديني والسياحي، الذي يُعد رمزًا مسجلاً في قائمة التراث العالمي لليونسكو، ويستقطب نحو مليوني زائر سنويًا. وقد أثارت هذه الصور مخاوف من تكرار سيناريو حريق كاتدرائية نوتردام في باريس عام 2019.

وأكد خوسيه مارا بيليدو، رئيس بلدية قرطبة، أن “المعلم التاريخي قد تم إنقاذه”، مشيدًا بالتدخل السريع لرجال الإطفاء الذين منعوا انتشار النيران. وأضاف عبر منصة “إكس”: “لحسن الحظ، حال التدخل الرائع لرجال إطفاء قرطبة دون وقوع كارثة، وتم إخماد الحريق الآن، وسيبقى رجال الإطفاء والشرطة المحلية في الموقع لتجنب أي خطر”.

على الرغم من السيطرة على الحريق، أفادت التقارير بأن سقف إحدى المصليات قد انهار، مع وجود مخاطر بانهيار سقف آخر، مما يستدعي تقييمًا دقيقًا للأضرار. ومع ذلك، أعيد فتح المسجد-كاتدرائية أبوابه للزوار صباح السبت، مما يدل على نجاح جهود الإطفاء.

يُعتبر مسجد-كاتدرائية قرطبة جوهرة معمارية تمزج بين الفن الإسلامي والمسيحي، ويعكس تاريخ الأندلس العريق. بدأ بناؤه عام 784م على يد الأمير عبدالرحمن الأول، وشهد توسعات كبيرة خلال القرنين الثامن والعاشر، ليصبح ثاني أكبر مسجد في العالم في عصره.

بعد استرداد الممالك المسيحية لشبه الجزيرة الأيبيرية عام 1236، تحول المسجد إلى كاتدرائية مع إضافة عناصر معمارية كاثوليكية، مما جعله رمزًا للتعايش الثقافي.

يمتد المسجد على مساحة 24,300 متر مربع، ويتميز بـ 856 عمودًا من المرمر والرخام، بالإضافة إلى باحة البرتقال ومئذنته التي كانت تُعتبر من عجائب الدنيا قبل تهدمها. يُعتبر المعلم مركزًا ثقافيًا وعلميًا تاريخيًا، إذ كان جامعة كبرى في العصر الأموي، ولا يزال يجذب ملايين الزوار سنويًا.

هذا الحريق هو الثالث في تاريخ المسجد الممتد لأكثر من 1,000 عام، حيث شهد حريقين سابقين في عامي 1910 و2001، مما يبرز أهمية الحفاظ على هذا التراث العالمي.