القضاء الفرنسي يمهد الطريق لمحاكمة بشار الأسد في خطوة تاريخية جديدة

محكمة النقض الفرنسية تلغي مذكرة توقيف بحق بشار الأسد وتفتح المجال لملاحقته قانونياً
أصدرت محكمة النقض الفرنسية، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، حكماً مهماً اليوم (الجمعة) بإلغاء مذكرة توقيف سابقة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد. كانت هذه المذكرة قد صدرت في نوفمبر 2023 خلال فترة توليه الحكم، ولكن الحكم الجديد يتيح إمكانية إصدار مذكرة جديدة لملاحقته بعد الإطاحة به في ديسمبر 2024.
يمثل هذا القرار تحولاً بارزاً في مسار ملاحقة الأسد قضائياً، حيث تتعلق الاتهامات الموجهة إليه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية في مدينتي دوما والغوطة الشرقية عام 2013، مما أدى إلى مقتل أكثر من 1000 مدني، وفقاً للتحقيقات الفرنسية.
وأوضحت المحكمة أن الأسد كان يتمتع بحصانة رئاسية عند صدور المذكرة الأولى، مما يجعلها غير قانونية وفقاً للأعراف الدولية التي تمنع ملاحقة رؤساء الدول خلال فترة ولايتهم، حتى في حالات الجرائم الخطيرة مثل جرائم الحرب أو الإبادة الجماعية. ومع انتهاء ولايته، سقطت هذه الحصانة، مما يمهد الطريق لإصدار مذكرة جديدة ضده بتهم أشد.
في وقت سابق، كانت محكمة الاستئناف في باريس قد أيدت المذكرة الأولى، لكن محكمة النقض اعتبرت أن توقيتها كان غير مشروع قانونياً، رغم اعترافها بخطورة الاتهامات الموجهة للأسد.
من جانبها، اعتبرت ماريانا بينا، المستشارة القانونية في مبادرة العدالة للمجتمع المفتوح، أن الحكم يمثل فرصة ضائعة لتحقيق العدالة، لكنه في الوقت ذاته يمهد الطريق لمحاسبة الأسد بعد فقدانه السلطة. وأشارت إلى أن القرار يعكس توجهاً دولياً متزايداً لتقييد الحصانة السياسية في قضايا الجرائم الكبرى.
يُذكر أن القضاء الفرنسي أصدر مذكرة توقيف ثانية في يناير 2025 تتعلق بتورط الأسد في هجمات مباشرة على مدنيين، بما في ذلك القصف الذي أدى إلى مقتل المواطن الفرنسي السوري صلاح أبو نابور عام 2017.
يتيح القانون الفرنسي، بفضل مبدأ الاختصاص القضائي العالمي، ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية حتى لو لم تقع على الأراضي الفرنسية، أو لم يكن الضحايا من مواطنيها، شريطة توفر أدلة وقرائن كافية.