أيام أم كلثوم الأخيرة بين آخر أغانيها والأغنية التي لم تغنها

خالد سليمان

أم كلثوم: رحيل أسطورة الغناء العربي بعد نصف قرن من التأثير

في مثل هذه الأيام قبل خمسين عامًا، فقدت الساحة الفنية العربية أحد أبرز أعمدتها، حيث توفيت الفنانة الراحلة أم كلثوم عن عمر يناهز 76 عامًا، بعد مسيرة فنية حافلة تركت بصمة عميقة في وجدان العرب. وقد تحولت لحظاتها الأخيرة إلى حدث وطني، تابعه الجمهور بشغف، واحتلت أخبارها عناوين الصحف والنشرات الإخبارية لعدة أشهر، بينما شهدت جنازتها حضورًا جماهيريًا وصف بأنه من الأضخم في القرن العشرين.

بدأت معاناة أم كلثوم الصحية في عام 1971، حيث توقفت عن تقديم حفلاتها بسبب مرض التهاب الكلى الذي أنهك جسدها. وفي 17 نوفمبر 1972، قدمت آخر حفلاتها الغنائية التي اختتمتها بأغنية “ليلة حب”، والتي كانت بمثابة وداع لجمهورها.

في عام 1974، طلبت أم كلثوم من الشاعر صالح جودت كتابة أغنية جديدة بعنوان “أوقاتي بتحلو معاك”، التي كان من المقرر أن تُغنى احتفالًا بنصر أكتوبر، لكن حالتها الصحية حالت دون إتمام البروفات. ورغم تدهور صحتها، كانت ترفض دخول المستشفى، حيث كانت تعبر عن قلقها بقولها: “إذا ذهبت إلى المستشفى، سأموت هناك”، مما جعلها تفضل تلقي العلاج في منزلها بالقاهرة.

مع تفاقم حالتها الصحية في 21 يناير 1975، أصبحت أخبار مرضها محور اهتمام الإعلام، حيث تصدرت الصحف المصرية عناوينها بتقارير مستمرة عن وضعها الصحي. كما قامت إذاعات مثل صوت العرب والنيل والشرق الأوسط بتغطية مستمرة لحالتها، وتوافد المواطنون للتبرع بالدم، فيما أعلنت عدة مستشفيات استعدادها لتقديم المساعدة.

في لحظة نادرة، ظهر يوسف السباعي على شاشة التلفزيون المصري ليعلن عن حالتها، مما يعكس أهمية الحدث الذي استدعى تدخل الدولة إعلاميًا.

توفيت أم كلثوم في 3 فبراير 1975 بسبب قصور في القلب، وشيعت من مسجد عمر مكرم، حيث توافد ما بين 2 إلى 4 ملايين مشيع لتوديعها. رحيلها ترك فراغًا كبيرًا في الساحة الفنية، لتبقى أغنيتها الأخيرة التي لم تُغنَّ شاهدًا على نهاية حقبة استثنائية في تاريخ الموسيقى العربية.