نفذت الصين مؤخرًا سلسلة من التدريبات العسكرية بالذخيرة الحية قرب سواحل تايوان وفيتنام وأستراليا، كما كشفت عن معدات متطورة قادرة على قطع كابلات الإنترنت البحرية، وهي خطوة استراتيجية لا تعترف أي دولة أخرى بامتلاكها علنًا. بالتزامن، اختبرت بكين سفن إنزال جديدة، في إشارة واضحة إلى سعيها لفرض نفوذها البحري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
يرى مراقبون أن هذه التحركات ليست مجرد استعراض قوة، بل رسالة مباشرة إلى الدول المجاورة تؤكد أن الصين تنظر إلى نفسها كقوة مهيمنة إقليميًا. في المقابل، تتابع بكين بحذر مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لم يُبدِ حتى الآن موقفًا حازمًا تجاه هذا التصعيد.
منذ توليه الرئاسة في يناير، ركّز ترامب على المواجهة الاقتصادية مع الصين من خلال حرب تجارية متصاعدة، لكنه التزم الصمت إلى حد بعيد حيال النشاط العسكري الصيني، بحسب صحيفة “جارديان” البريطانية. إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية أصدرت في الأول من أبريل بيانًا أدانت فيه ما وصفته بـ”الأنشطة العسكرية العدوانية والخطاب التصعيدي” للصين، لا سيما في مضيق تايوان، حيث بدت التدريبات الصينية كأنها محاكاة فعلية لغزو محتمل، بحسب “واشنطن بوست”.
جاءت هذه الإدانة بعد زيارة وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث إلى اليابان والفلبين، حيث شدد على التزام واشنطن بحماية حلفائها. ومع ذلك، فإن ترامب نفسه لم يدلِ بأي تصريح مباشر بشأن تايوان، ما أثار مخاوف الحلفاء من تراجع الدعم الأمريكي في حال وقوع تصعيد.
أخبار تهمك
ترامب يطالب إيران بالتخلي عن طموحاتها النووية ويهدد بعواقب وخيمة
مصر تسلم ” حماس ” مقترحًا إسرائيليًا لوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة
وبينما يرى بعض المحللين أن الصين قد تستخدم أساليب أكثر عدوانية في المرحلة المقبلة، مثل صدم السفن الفلبينية لترهيب مانيلا، تنقسم إدارة ترامب داخليًا بين تيار يدعو إلى تصعيد المواجهة مع الصين، وآخر ينتمي إلى مدرسة “أمريكا أولًا” ويفضل الابتعاد عن الصراعات الدولية.
وفي الوقت الذي يزداد فيه التوتر في مضيق تايوان، تتزايد مخاوف دول جنوب شرق آسيا من أن يعقد ترامب “صفقة كبرى” مع بكين على حساب أمن المنطقة. وقد عبّر خبراء من “مجموعة آسيا” في واشنطن عن قلقهم من مرونة ترامب في ملفات مشابهة كأوكرانيا والرسوم الجمركية.
من جانبها، رفضت السفارة الصينية في واشنطن التعليق على فكرة الصفقة، لكنها اعتبرت الانتقادات الأمريكية “تحريفًا للحقائق وتدخلًا في الشؤون الداخلية”.
في غضون ذلك، يتحدث خبراء في الأمن القومي عن تراجع قدرات الاستخبارات الأمريكية بعد طرد عدد من الباحثين المتخصصين في الشأن الصيني، ما يضعف فهم واشنطن لتحركات بكين.
ويبدو أن هذا الضعف الاستخباراتي يأتي في وقت حساس، خصوصًا بعد رصد سفينة أبحاث صينية وهي تقوم بمسح بحري بالقرب من الكابلات البحرية قبالة السواحل الأسترالية، ما يهدد بنية تحتية حيوية في نقل المعلومات المدنية والعسكرية.
في حين اكتفى رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي بتصريح مقتضب قائلًا: “كنت أفضّل ألا تكون هناك”، فإن غياب موقف أمريكي واضح قد يشجع الصين على توسيع وجودها في واحدة من أكثر مناطق العالم توترًا.
0 تعليق