أعلنت المؤسسة القطرية للإعلام عرض المسلسل التاريخي “سيوف العرب»، الذي أنتجته المؤسسة في يونيو المقبل على تليفزيون قطر وعلى منصات تابعة للمؤسسة القطرية للإعلام. جاء ذلك خلال فعالية خاصة شهدتها قاعة نوفو سينما في «فاندوم بالاس». وحضرها عدد من كبار المسؤولين في المؤسسة القطرية للإعلام وفريق العمل ورؤساء تحرير الصحف المحلية وحشد من الإعلاميين والمثقفين وتضمنت الفعالية عرضًا حصريًا لمقتطفات مختارة من المسلسل، حيث تم الكشف عن ملامح العمل وأبطاله ومحطاته المفصلية، في تمهيد لعرضه الجماهيري المرتقب.
أكد السيد علي بن صالح السادة، مدير تلفزيون قطر، في كلمته خلال الفعالية أن مسلسل سيوف العرب يمثل تجربة درامية وتوثيقية متميزة على مستوى الإنتاج العربي، ويعد امتدادًا طبيعيًا للدور الريادي الذي تلعبه المؤسسة القطرية للإعلام في دعم الأعمال الدرامية التاريخية الكبرى التي رسخت حضورها في وجدان المشاهد العربي.
وقال السادة خلال كلمته في حفل تدشين العمل: نقدم لكم اليوم بكل فخر واعتزاز عملاً دراميًا تلفزيونيًا جديدًا، أعتقد بل وأجزم أنه سيكون تجربة شيّقة ومختلفة للمشاهد العربي. عمل هو في حقيقته تحفة درامية وتوثيقية، تجمع بين جمالية الصورة، ودفء التناول التاريخي، والبناء الدرامي المحبوك، والأداء التمثيلي المبهر، إلى جانب المعالجة الفنية والإخراجية الاستثنائية التي قدمها المخرج المبدع ابن تلفزيون قطر، أخي العزيز سامر جبر”.
إحياء التاريخ
وأشار إلى أن العمل الذي أنتجته المؤسسة القطرية للإعلام يُعد استئنافًا لمسيرة أعمال كبرى شكلت قصص نجاح متميزة مثل مسلسلي الحجاج وعمر
وأضاف «سيكون تأكيدًا على أن الدراما التاريخية العربية قادرة، إذا ما توفرت لها الأدوات والمصادر والرؤية، على أن تعيد إحياء التاريخ العربي برؤية دقيقة وشاملة، تُنصف شخصياته، وتبني سرديته كما نراها نحن كعرب، لا كما يرسمها الآخرون».
وتابع السادة: «في كل مرحلة تاريخية عالجها المسلسل، برزت قصص الأبطال الذين صنعوا المجد العربي بسيوفهم، مثل يوسف بن تاشفين، بطل معركة الزلاقة، وسيف الدين قطز الذي أوقف زحف التتار في عين جالوت، وصلاح الدين الأيوبي محرر القدس. لقد أعاد (سيوف العرب) الحياة لتلك الصفحات المشرقة من تاريخنا، وقدمها برؤية فنية مبتكرة، وإخراج احترافي استخدم أحدث تقنيات التصوير والمؤثرات البصرية والصوتية. كما أبدع في تنوع الديكورات وتصميم الملابس التاريخية، وأتقن مشاهد المعارك بإبهار بصري وواقعية عالية، إلى جانب براعة في إدارة الممثلين وتنفيذ المجازفات الدرامية بكل إتقان».
وقال: «هذا العمل يجمع بين المتعة البصرية، وبراعة الأداء، وعبقرية المعالجة الفنية، وتشويق السرد الدرامي، ليُبرز بطولات السيف العربي في أبهى صورة».
وحول دلالة اسم المسلسل، قال السادة: «اسم (سيوف العرب) لم يكن مجرد عنوان. بل دلالة رمزية عميقة، فالسيف العربي كان دائمًا رمزًا للشرف والكرامة، وأداةً للدفاع عن الأرض، ونصرة الحق، ونشر قيم العدل. وقد نجح المسلسل في توظيف هذه الرمزية لتقديم دراما لا تحكي تاريخًا فقط، بل تبعث رسالة في زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى استعادة القيم العربية الإسلامية الأصيلة».
واختتم كلمته: «المسلسل ليس مجرد عمل درامي بل مشروع ثقافي يوثق، ويعتز، ويُلهم. وأتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم في هذا العمل: للمخرج سامر جبر، لفريق العمل العربي الكبير، وللمؤسسة القطرية للإعلام،
تجربة فكرية».
ومن جهته أكد المخرج سامر جبر أن (سيوف العرب) يمثل تجربة فنية وفكرية وإنتاجية استثنائية، تستند إلى القصص والحكايات العربية والإسلامية التي نعتز بها، ونسعى لأن تبقى حاضرة في وجدان الأجيال القادمة من خلال أعمال إعلامية موثقة تليق بمكانتها الحضارية، مشددًا على أنه «يحترم عقل المشاهد، ويستند إلى رؤية فكرية عميقة».
وفي كلمته خلال العرض الخاص للمسلسل في صالة السينما، قال: «لم يكن عملًا عاديًا، بل مشروع له هوية واضحة ورسالة عميقة. أردنا من خلاله أن نعيد إلى الشاشة العربية حضور الفرسان والقادة الذين خطوا بتضحياتهم تاريخًا لم يُروَ بعد، وأن نحكي قصص العدل والتضحية والولاء والحكمة والتسامح في زمن تنتشر فيه الصور السريعة والسطحية».
وأشار إلى أن العمل هو ثمرة تعاون بين نخبة من الباحثين والمؤرخين وصناع الدراما والمحتوى، مؤكدًا أن ورشة الكتابة كانت بإشراف الدكتور محمد البطوش، وسعت إلى صياغة المحتوى برؤية دقيقة تراعي الحساسية الثقافية والحضارية.
وقال جبر: «حتى لو كانت لدينا المراجع الصحيحة، فالسؤال الأهم دائمًا هو: ماذا نريد أن نقول؟ ما الرسالة التي نوجهها؟ هذا ما حرصنا عليه، لأننا لا نقدم مجرد أحداث تاريخية، بل نروي سردية حضارية يجب أن تُحترم وتُقدَّم بحس فكري راقٍ».
وأضاف: «المشاهد اليوم ذكي، وإذا شاهد عملًا تاريخيًا بتفاصيل لا تنتمي للفترة، سينفر منه، لذلك حرصنا على الدقة في كل شيء، من الملابس والديكورات إلى تصميم السيوف، بما يتناسب مع الحقبة الزمنية، رغم ضيق الوقت والتحديات الإنتاجية».
وأوضح جبر في تصريح لـ «العرب» على هامش الفعالية أن المسلسل لا يتناول فقط الأحداث التاريخية بل يخوض في القضايا الفكرية العميقة، مشيرًا إلى أن من بين المواضيع التي يتعرض لها العمل بشكل غير مباشر، الرد على الادعاءات التاريخية بأن الإسلام انتشر بالسيف.
وقال: «استعنّا بمؤرخين من خارج العالم العربي، مثل المؤرخة الإسبانية، ماريا خوسيه، التي تحدثت بإنصاف عن الحضارة الإسلامية».
وفي سياق متصل، وصف جبر المسلسل بأنه يجمع بين الجهد التوثيقي والبعد الجمالي والبصري قائلاً: «سعينا إلى تقديم سرد تاريخي حقيقي دون تزوير أو تبسيط، معتمدين على بحث دقيق ورؤية إخراجية تسعى للجمال دون أن تفرط في الأصالة».
واختتم المخرج كلمته قائلًا: «ما كان لهذا العمل أن يرى النور لولا فريق آمن به منذ اللحظة الأولى، والدعم الكبير من المؤسسة القطرية للإعلام، ممثلة بجميع إداراتها وأقسامها. كما أتوجه بالشكر لمدير تلفزيون قطر السيد علي بن صالح السادة، وللمنتج المنفذ الأستاذ هادي طرفي، وللمشرفة على الإنتاج مروى عزم، وللمنتج الإبداعي أحمد جبر، ولفريق ورشة الكتابة. هذا العمل لمس قلوبنا ونحن نكتبه ونصوره بكل حب واحترام».
وقد بدأ العرض الأول للمسلسل بحلقة مخصصة عن عمر بن معديكرب، أحد أبرز فرسان العرب وصاحب السيف الشهير “الصمصامة”، حيث استعادت الحلقة روحه البطولية وخلدت أثره بأسلوب بصري مبهر ومؤثرات سمعية ومرئية عالية الجودة، في مشهد درامي يجمع بين التوثيق والمتعة البصرية. لتتوالى اللقطات عن فرسان العرب مثل صلاح الدين الأيوبي ويوسف بن تاشفين وقطز وحتى الفارسة العربية خولة بنت الأزور كواحدة من النسوة اللاتي تظهر إرث المرأة العربية.
0 تعليق