دستورنا... سورنا

المصدر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

آن الأوان لنتكلّم بصراحة ووضوح عن مُستقبلنا خصوصاً أن هذا الموضوع هو الشغل الشاغل لجميع أهل الكويت. وعندما أقول أهل الكويت أقصد الكويتيّين الكويتيّين.

مُستقبلنا، شُغلنا الشاغل، بدءاً من كبيرنا وولي أمرنا أميرنا صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد وصولاً إلى الشباب في المدارس.

20 أبريل 2025

22 مارس 2025

اليوم، أنا أتكلّم عن نفسي وأعطي رأياً خاصاً جدّاً على قاعدة «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب». وأتمنّى أن يكون هذا الرأي مُحفّزاً لآراء أخرى حول موضوع العبور الآمن إلى المستقبل.

اليوم، أكتب في وقت يدّعي البعض أن الكويت فيها كتم أصوات وتضييق على الحريات. لا يا سادة، الكويت بلا حرية ليست الكويت، والحرية فيها بخير طالما أن من يُوجّه بتطبيق القانون يُقرنها بالمسؤولية الشخصيّة والعامّة. فالحرية لا تعني أن تطعن بالذّمم والأعراض وسوق اتهامات لا أساس لها، والحرية لا تعني المساس بما نهى القانون عنه خصوصاً إن تعلق الأمر بولي الأمر وتقديره ومكانته. الإنسان المسؤول عن كلامه وتصرّفاته هو الإنسان الحرّ ومساحات إبداء الرأي في أيّ موضوع مفتوحة له.

ومن الدلائل على ما أوردته سابقاً، سأعطي رأياً مُباشراً في موضوع الدستور الكويتي. نحن بحاجة إلى دستور جديد كليّاً ولسنا بحاجة لا إلى تعديل الموجود ولا إلى تنقيحه.

كنتُ من سنوات قليلة خلت, إن قاربت هذه المسألة جُزئيّاً أتعرّض لهجوم مُتعدّد الأطراف ويُخرجني البعض من الملّة بتهمة المساس بما يعتبرونه «مُحرّمات» مع تهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور... ناهيك عن التلميح بأن من يكتب عن ثغرات الدستور هو «ربيب مُؤامرة خارجيّة».

من ثمانينيّات القرن الماضي، كلّ التعثّر الذي مررنا به كنّا نضعه على الحكومة ومجلس الأمة، وأرى أن 80 في المئة من هذا التعثّر سببه الدستور الذي نشأنا على «تحريم» المسّ به. ولو لم تكن هناك ثغرات فيه لما برّرت السلطتان التشريعية والتنفيذية الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتاها دائماً تحت راية «التمسّك بالدستور». ومن دون الدخول في التفاصيل، يعلم كلّ كويتي أنه ومنذ تحرير الكويت، أي قبل 34 سنة، ونحن نتراجع على كلّ المُستويات السياسيّة والاقتصاديّة والرياضيّة والاجتماعيّة والخدميّة، والديرة أسيرة صراع مرّ يتفوّق فيه المجلس ومرة تتفوّق فيه الحكومة... وهو صراع لن يحلّ طالما أنّ طرفي الخلاف موجودان بسبب الدستور أو مولودان من رحمه.

ونحن في زمن التحوّلات الكبرى داخليّاً وخارجيّاً، أقول إن ما نحتاجه اليوم ليس تعديلاً دستورياً بل دستوراً عصرياً جديداً لكويت جديدة.

دستور يحفظ للحكم مقامه ووقاره وموقعه وكيفية تداول السلطة من داخل بيت الحكم ووفق آلياته الخاصة من دون تدخّل من أحد.

دستور يرسم الحدود بوضوح بين السلطات.

دستور يعطي الكويتيّين الكويتيّين مُشاركة أكبر في اتخاذ القرار وإعانة الحاكم في إدارة شؤون البلاد بعدما توافقنا على أن نكون السند والدرع للحكم.

دستور ينبثق منه نظام برلماني يُحقّق أعلى درجات الشفافية من خلال الرقابة، وأعلى درجات الحداثة والتطوّر من خلال دور تشريعي مُواكب للثورة التشريعيّة التي تحصل في أكثر من مكان في العالم. برلمان لا يُكرّس السلبيّات الطائفيّة والقبليّة والمصالح الشخصيّة وإثارة قضايا شعبويّة بل برلمان يسابق الحكومة في دفع خُطط التنمية إلى الأمام ولا يحبس المشاريع والخُطط في الأدراج. برلمان يُحقّق طموحات الكويتيّين الكويتيّين ويُترجم إرادة الأمير في الوقت نفسه، ويُعطي كلّ المجال لرجال الدولة للوصول إلى مواقع اتخاذ القرار سواء في المجلس أو الحكومة، وهذه النقطة في غاية الأهمية إذ نعيش علّة في آليات الوصول إلى المجلس. علّة تُعطي شخصاً وطنيّاً مُفكّراً ومُثقّفاً دستورياً وقانونياً أصواتاً مُتواضعة بينما تُعطي شخصاً لا برنامج لديه سوى التفريق الطائفي والمناطقي والقبلي آلاف الأصوات.

دستور تنبثق منه حكومة فاعلة مرنة مُنتجة، أشبه بغرفة عمليات تُسابق الزمن لتنفيذ برنامج يُراقبه الشعب عبر مُمَثّليه ولا تهدر الوقت في مراضاة نائب أو تخسر مشروعاً حيوياً خوفاً من استجواب.

دستور يذيب الفروقات والخلافات بين أهل الكويت. يُحرّم إذكاء الانقسامات وضرب الوحدة الوطنيّة ولا يتساهل نهائياً مع مُحاولات زعزعة الاستقرار وفتح الباب للرياح الخارجية.

دستور يجعل التنمية أولوية مُطلقة وفتح الطريق أمام الشباب للعمل والإنتاج والتفوّق هدفاً مُقدّساً.

ويا طويل العمر، هي الأمانة الكبرى اليوم، وسيسجّل التاريخ أنه في عهد مشعل الأحمد سيكون هناك «دستور مشعل»، بداية من تشاور الحاكم مع أهل الحلّ والعقد اتساقاً مع تعاليم ديننا الحنيف «وأمرهم شورى بينهم»، وانتهاء بإطلاق ورشة كبيرة من قانونيّين وأهل خبرة وعلم في كافة مناحي الحياة إضافة لشباب تخطّوا مرحلة البدايات وتألّقوا في مجالاتهم. نخبة النخبة من الكويتيّين الكويتيّين الذين لم تتلوّث أفكارهم بالمُمارسات السياسيّة السابقة أو تورّطت أياديهم بمال غير نظيف، من أجل المُشاركة في الإعداد لدستور جديد يُواكب المُستقبل لا دستور «مُعدّل» يُحاكي الماضي.

في الختام، أكرّر أنني أقترح موضوع الدستور الجديد كرأي شخصي بكلّ حرّية ومن مُنطلق المُواطنة والحرص على البلد ومُستقبل أولادي وأحفادي. هي فكرة قابلة للقبول أو الرفض أو التطوير. أحترم أيّ نقد موضوعي ويهمّني أن يشارك كلّ كويتي كويتي في عرض رؤيته مهما كانت مُتناقضة مع الرؤى المطروحة، لأن النقاش يُغني ويُلغي الجمود والسلبيّة... والنظام «منا وفينا» ولن يضيق صدره بأيّ رأي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق