لا تجعلوهم محتوى للضحك فكرامة الإنسان فوق (الترند)

مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في زمن سيطرت عليه الخوارزميات أصبحت منصات التواصل الاجتماعي مسرحا يوميا يعرض فيه كل شيء من لحظات الفرح ولحظات المآسي ومن الإنجازات الملهمة إلى المقاطع الساخرة، مما جعل الباحث واللاهث خلف الشهرة التي أصبحت متاحة بضغطة زر، يسعى راكضا من خلال التصوير للمشاهد بهدف التفاعل وزيادة المتابعين، فمن هذه المشاهد للأسف ما يتم تصويره ونشره لمقاطع فئة معينة من المجتمع تستحق التقدير والاحترام والرعاية من أحبتنا كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، لا لهدف تسليط الضوء على معاناتهم أو رفع الوعي في التعامل معهم، بل من أجل التهكم والضحك والسخرية على سلوكهم وطريقة كلامهم.

فعندما يصور رجل مسن وهو يخطئ في نطق كلمة أو شخص من ذوي الإعاقة يسجل ردة فعل غير معتادة ثم ينشر الفيديو بتعليقات مضحكة أو مؤثرات صوتية ساخرة، فإننا هنا لا نضحك مع الشخص، بل إننا نضحك عليه وهذا اعتبره فرقا جوهريا بين المحتوى الإنساني واللا إنساني.

قد يبرر البعض بأنها بريئة أو الهدف منها التسلية والترفيه دون المساس بكرامتهم، لكن الحقيقة معظمها ينطبق عليها مقولة (دس السم بالعسل) وتعد شكلا من أشكال التنمر الرقمي، لما تخفيه من نية جلب المتابعين، وتحقيق الانتشار، وتحصيل الإعجابات والمشاركات.

أرى أن الانسان ليس وسيلة لتحقيق المشاهدات، فكبار السن وذوو الاحتياجات الخاصة يستحقون مننا كل التقدير والاحترام، فلا نجعلهم محتوى بهدف حصد الإعجابات والمشاهدات، هناك من يقول يتم تصويرهم برغبتهم وهم الذين يصرون ويطلبون تصويرهم ونشر مقاطعهم، نعم ممكن ذلك وقد نلبي طلبهم ونصورهم ونتحدث معهم، ولكن نبتعد عن الكلمات والحركات التي تثير الضحك والتهكم فهم لا يعلمون ما يعنيه أن تكون صورهم متداولة على آلاف الأجهزة حول العالم، فعليك أن تعلم أن نشر صورة واحدة قد تضحك بها الملايين ولكنك قد تجرح إنسانا للأبد.

أنا هنا لست ضد المحتوى الهادف الذي يقدم محتوى إنسانيا كإبراز قصص نجاح وتحدي وإرادة هؤلاء، فمنهم الكثير من وضع بصمته وأصبح مثلا يحتذى به، فهم آباء وأخوة لنا يشاركوننا في بناء وخدمة وطننا، حيث إنهم جزء لا يتجزأ من مجتمعنا.

همسة: الهاتف الذي تصور به اليوم، قد لا تستطيع حمله غدا، فاجعله لك لا عليك، واستخدمه لتسليط الضوء على قضاياهم الإنسانية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق