وقفة مع 'دلاغ' جي دي فانس

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإرلندي، وبحضور نائبه جي دي فانس، فاجأ ترامب نائبه بقوله "أحب دلاغك، أحاول أركز بس منصدم من دلاغك"، الصراحة الدلاغ كان "هاردلك" بس ابشركم، فانس عقب هالموقف غيّر دلاغاته.

جي دي فانس وُضِع في الموقف نفسه تقريباً الذي وقع فيه الرئيس الأوكراني زيلينيسكي حيث انتقد ترامب ملابس زيلينيسكي، عند استقباله في البيت الأبيض.

خلال قرابة الثلاثة أشهر من تولي دونالد ترامب منصبه، كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، وأنا احاول تحليل سياسة الإدارة الأميركية، الكثير من الأحداث والمواقف والسياسات التي اتخذتها الإدارة الأميركية، وعند محاولة تحليل هذه الأحداث أصل إلى نتيجة واحدة لا تتغير.

غير الرئيس دونالد ترامب سياسة الإدارة الأميركية الخارجية، وذلك بشكل واضح، ففي السابق كانت تلك الإدارة تتبع سياسة الأكبر، فهي تتعامل دولياً كأكبر دولة اقتصادية وأكبر دولة عسكرية، اما اليوم فهي تتبع سياسة الأقوى، تطرح نفسها كأقوى دولة، اقتصادية وعسكرية.

وشتان ما بين السياستين فالأولى (سياسة الأكبر) تحتضن الدول الأخرى، وتتعامل معها بأسلوب أنا الكبير، وأنا من يتحمل أكبر المسؤوليات، وما عليكم إلا السمع والطاعة لما أريد مقابل هذا، أما الثانية (سياسية الأقوى) فهي تضع الطرف الآخر موقف الند، ويستوي في ذلك الحلفاء والخصوم، وتبين له مدى فرق القوة بين الطرفين، ولن يكون هناك شيء دون مقابل.

هناك أدلة عدة على إتباع سياسة الأقوى للإدارة الحالية للولايات المتحدة، فعندما قررت الإدارة قرار تهجير الشعب الفلسطيني من غزة إلى المملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية مصر العربية، وقوبل هذا القرار بالرفض من الدولتين كان الرئيس الأميركي يجيب على أسئلة الصحافيين عند سؤاله عن رفض قراره "أن الدولتين ستقبلان القرار"، بطريقة توحي على قدرة الإدارة الأميركية بفرض هذا القرار، وأنها تمتلك القوة لفرضه، وإلى الآن لم تستطع الإدارة تنفيذها.

الأمر الآخر، وهو تصريح ترامب بمقدرته على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في غضون ساعات فقط، وتفاجأ ليس من الموقف الروسي، بل من ردة فعل الجانب الأوكراني عند الحديث بخصوص صفقة المعادن، والمشادة الكلامية الشهيرة بين الرئيس الأميركي ونائبه، مع الرئيس الأوكراني خلال المؤتمر الصحافي.

وأيضاً تصريح ترامب بجعل كندا الولاية 51، وعرض شراء جزيرة غرينلاند، وأحقية الولايات المتحدة بقناة بنما، وتغيير مسمى خليج المكسيك إلى خليج أميركا، كل ذلك يدل على انتهاج سياسة الأقوى بالنسبة للإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب.

يجب أن نعلم أن الإدارة الأميركية تطرح نفسها اليوم كأقوى دولة في العالم، اقتصادياً وعسكرياً، ويجب أن تعي أن هذه السياسة ستخلق لها الكثير من الخصوم، وكذلك أقوياء جدد قادرين على مواجهتها دولياً، مثل الاتحاد الأوروبي، الذي أراهن على إمكانياته كثيراً.

في النهاية، العالم يسير بمنعطف غامض صعب التكهن بنتائجه،ولكن الأكيد أن سياسة الأقوى لن تدوم، هذا باختصار.

محام، كاتب كويتي

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق