يا حكومة بلاش دعم... ارفعوا الرواتب المتدنية

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعود مرة أخرى إلى الهدر غير الممنهج الذي تعيشه الكويت منذ عقود، وما تركه على المالية العامة من عجز تراكم حتى أضحت الخزينة تعاني من عدم وجود سيولة مرات عدة.

وفي هذا الشأن، إذا أخذنا الدعم، مثالاً، لرأينا العشوائية المفرطة فيه، أكان في المواد التموينية المفتوحة أبوابها، كما يقول المصريون "على البحري"، فيما يتمتع بها غير المستحق، لأن المواطن العادي، صاحب الدخل المحدود، ليس بحاجة إلى "خيشة عيش" و"دهن" و"جبن أبوكلاس"، إنما أشد ما يحتاج إليه رفع راتبه الذي منذ أكثر من 16 عاماً لم يحدث عليه أي تغيير، بينما الكثير ممن ليسوا بحاجة إلى هذه المواد يمنحونها إلى خدمهم، أو بعضهم يبيعها في السوق السوداء، وتهرب إلى الخارج، أو تصبح علفاً للحيوانات.

حين يهدر نحو 24 مليار دولار، أو أكثر على الدعم، بدءاً من البنزين، وصولاً إلى الشاي، فذلك تبذير، وغياب رؤية للمستقبل، وليس لرفاهية المواطن.

وعندما تغيب المحاسبة، فيصبح "المال السايب" احذق معلم للحرامية، وبالتالي ليس هناك من مفر غير قطع هذا الشريان، كي لا يصاب جسد الدولة بفقر دم المالية العامة، وتصير بحاجة إلى الاستدانة على حساب الأجيال، التي إلى اليوم لم ترَ خيرات صندوقها، فيما تُنفق أمواله على مشاريع التنمية في دول العالم كافة، بينما "باب النجار" الكويتي مخلع، وليست هناك خطة لوقف التبذير في هذا المجال.

في المقابل، مَن المستفيد، مثلاً، من رخص الكهرباء، التي تعود أزمتها المزمنة لتطل برأسها القبيح مع بداية كل صيف، هل هم الموظفون الصغار، أصحاب الرواتب المتدنية، أو ملاك العمارات والمجمعات التجارية، السكنية، ممن يؤجرونها بما فيها الكهرباء مجاناً، ويجمعون شهرياً ملايين الدنانير، ولا يدفعون مستحقات الدولة؟

أليس الحمل الكبير تستنزفه الدوائر الحكومية والأماكن العامة، وحتى المساجد، التي تترك الإضاءة و"التكييف" أربعاً وعشرين ساعة شغالة، بينما المواطن، وكما أسلفنا في مرات سابقة، مطالب بالترشيد، فمن المسؤول في هذا الشأن، أليس مجلس الوزراء الذي لم ينظم هذه الأمور، وبينما تُحل بقرار إداري؟

أيضاً من أبواب الهدر، القطاع الصحي، فإذا كنا في السابق ابتُلينا بمجموعة كانت تسمى "نواب خدمات" حولت العلاج في الخارج إلى "سياحة" لكسب الأصوات، فاليوم، وطبقاً لمؤشرات الرعاية الصحية العالمية، تحتل الكويت مرتبة متدنية (الـ 73 للعام 2024)، بينما عربياً حلت في المركز الثامن، سبقتها تونس ولبنان وعُمان، فيما ميزانية الوزارة للسنة المالية 2025-2026 تبلغ 2.7 مليار دينار (ما يعادل 9 مليارات دولار)، في المقابل بلغت ميزانية وزارة الصحة التونسية المتقدمة على الكويت في الرعاية الصحية 1.25 مليار دولار، فهل هذا يعقل؟!

في كل العالم هناك تأمين صحي حقيقي وليس صورياً، على كل سكان البلد، حتى الزائر تشمل رسوم التأشيرة هذا التأمين، كما هي دول "شنغن" مثلا.

إن هذا الهدر المستمر، لا يتوقف عند تلك الحدود، فمن البدع، ما سمي "الرواتب الاستثنائية"، وهي ليست موجودة في أي دولة غير الكويت، ومن الجيد أن تعيد الحكومة النظر فيها، لكن عليها أيضاً أن تعمل على تخليص الإدارة العامة من التوظيف العشوائي، التي جاء بها نواب في مجالس الأمة، وكانت تنفيعات لمن لا ينتجون، وهذا أيضاً سبب من أسباب العجز.

كل هذا يحد من رفع الناتج الوطني، الذي يحتاج إلى عمليات ذكية حصيفة، تقوم على وقف الهدر، وتخصيصه في مجالات عدة، صناعية، وزراعية، إصلاح هيكل إدارة، وبنية تحتية، بينما لو أنفق على رواتب محدودي الدخل مليار دينار سنويا، وأوقف الدعم العشوائي، لا شك أن ذلك يكون مفيداً للمالية العامة، ولن تحتاج الكويت إلى الاستدانة.

  • أحمد الجارالله
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق