- كوريا الشمالية... الغائب الأكبر عن النقاش في واشنطن
واشنطن - أ ف ب - فرض دونالد ترامب خلال 100 يوم له في البيت الأبيض سياساته الخاصة، فقوّض التحالفات الأميركية وهدد بضم أراضٍ وقلب النظام الجيوسياسي الدولي رأساً على عقب.
من فرض رسوم جمركية شاملة على دول صديقة وعدوة، مروراً بتهميش الأوروبيين، وصولاً إلى خفض المساعدات الخارجية، يفرض الرئيس الأميركي رؤيته تحت شعار «أميركاً أولاً» على العالم.
هي رؤية ليست انعزالية بشكل صريح لكنها أحادية بشكل واضح، وتعتمد حصراً على مبدأ الصفقات، وهو نوع من «الأخذ والعطاء» الدبلوماسي.
اعتبر رئيس المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية مارك ليونارد أن «إدارة ترامب قضت على كل المسلّمات. لم تعد هناك فروق واضحة بين الحرب والسلام، والحلفاء والأعداء، والمصالح الوطنية والخاصة، واليسار واليمين».
وكتب على موقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية «مع شنّ ترامب حرباً تجارية على سائر أنحاء العالم، ومحاولته إبرام صفقة في شأن استغلال المعادن في أوكرانيا، وتهديد السلامة الإقليمية لكل من غرينلاند وبنما، فإن القواعد القديمة للنظام الدولي لم تعد قابلة للتطبيق».
في الموازاة، يقدم الرئيس الجمهوري البالغ 78 عاماً نفسه على أنه «صانع سلام» ويتباهى برؤيته لتحقيق «السلام من خلال القوة».
كما لا يتردد في دخول مفاوضات غير مسبوقة، مثل تلك التي أجراها مع روسيا وإيران.
لكن بعد مرور مئة يوم على توليه منصبه، بات من الواضح أن المهمة ليست سهلة كما تصور.
فقد استأنفت إسرائيل هجومها على قطاع غزة وانهار اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، في حين تشن الولايات المتحدة ضربات على الحوثيين في اليمن مع استمرار الصراع في أوكرانيا.
تقارب مع بوتين
ويبقى التغيير الأبرز في السياسية الأميركية منذ تنصيب ترامب في يناير التقارب مع فلاديمير بوتين.
وعبر إعادة التواصل مع الرئيس الروسي، أنهى دونالد ترامب عزلة بوتين الدولية التي فرضتها عليه إدارة الرئيس السابق جو بايدن والدول الغربية منذ غزوه أوكرانيا في فبراير 2022.
وأجرى الرئيسان مكالمة هاتفية في فبراير، ما أدى إلى بدء تقارب إستراتيجي، ولو كان على حساب أوكرانيا.
عقب ذلك، عقد الأميركيون والروس مفاوضات غير مسبوقة في السعودية بهدف استعادة العلاقات بينهما، إلا أن واشنطن اشترطت إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وقد يلتقي ترامب وبوتين وجهاً لوجه في وقت قريب في السعودية أيضاً.
في الوقت نفسه، شدّدت الولايات المتحدة لهجتها تجاه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وصولاً إلى اللقاء الشهير في البيت الأبيض حين شن الرئيس ونائبه جاي دي فانس هجوماً لاذعاً على زيلينسكي أمام وسائل الإعلام.
وعقد الأوروبيون الذين همّشوا عن المفاوضات، اجتماعات ثلاثية شارك فيها مسؤولون أميركيون وأوروبيون وأوكرانيون الأسبوع الماضي في باريس، قبل اجتماع جديد مقرر في لندن هذا الأسبوع، للبحث في إنهاء الصراع في أوكرانيا.
لكن مع تعثر مفاوضات الهدنة، هدد ترامب بالانسحاب من المناقشات إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بسرعة.
مفاوضات مع إيران
عقدت الولايات المتحدة وإيران، البلدان العدوان منذ الثورة الإسلامية عام 1979، جولتين من المحادثات غير المباشرة، في سلطنة عمان و روما، بقيادة المفاوض ستيف ويتكوف، صديق ترامب القديم.
وتقول واشنطن التي تنتهج سياسة «الضغوط القصوى» تجاه طهران، إنها تفضل حلاً دبلوماسياً لكنها تهدد بتدخل عسكري لضمان عدم حصول طهران على السلاح النووي.
وكان الرئيس الأميركي انسحب أحادياً عام 2018 من الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع إيران والذي نص على تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على طهران مقابل كبح برنامجها النووي.
وأكد المسؤولون في إدارة ترامب، بمن فيهم وزير الخارجية ماركو روبيو، مراراً أن الرئيس «يفكر خارج الصندوق» وأنه «الوحيد» القادر على قيادة هذه المفاوضات.
ومن بين القرارات الأخرى التي ميّزت ولاية ترامب منذ 20 يناير، إعلانه انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ ومن منظمة الصحة العالمية.
كذلك، أقر تخفيضات هائلة في ميزانية المساعدات الخارجية، بذريعة مكافحة الهدر والبرامج التي تعزز التنوع والمساواة والشمول.
ونفّذ سياسة ترحيل المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة، وأرسل بعضهم إلى سجن شديد الحراسة في السلفادور، وشن حرباً ضد عصابات المخدرات المكسيكية التي وصفها بأنها منظمات إرهابية أجنبية.
أما الغائب الأكبر عن النقاش في واشنطن في الوقت الراهن فهو كوريا الشمالية.
وخلال ولايته الأولى (2017 - 2021)، هدد ترامب بالقضاء على كوريا الشمالية قبل أن يلتقي الزعيم كيم جونغ أون مرات عدة ويعلن أنهما «وقعا في الحب».
10 محطات أساسية
واشنطن - أ ف ب - قلب دونالد ترامب السياسة الخارجية الأميركية رأساً على عقب وتسبب بتقلبات حادة في الأسواق العالمية منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، وتحويله المكتب البيضوي مسرحاً لسلسلة أحداث غير معهودة.
في ما يأتي عشر محطات أساسية في الأيام المئة الأولى من الولاية الثانية للجمهوري في رئاسة الولايات المتحدة:
مراسيم اليوم الأول
يوم تنصيبه في 20 يناير، وقّع ترامب 26 مرسوماً رئاسياً، وهو عدد قياسي. ورسمت قرارات اليوم الأول مسار سياسته، اذ قام من خلالها بسحب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، والعفو عن مثيري الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في مطلع العام 2021.
«ريفييرا الشرق الأوسط»
خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الرابع من فبراير، قال ترامب إن غزة يمكن أن تصبح «ريفييرا الشرق الأوسط».
وأعلن الرئيس الأميركي خطة تسيطر بموجبها بلاده على القطاع المدمّر جراء الحرب بين إسرائيل و«حماس» وتعيد بناءه، على أن يتم نقل سكانه الذين يتخطى عددهم المليوني شخص إلى دول أخرى.
وأثار هذا المقترح إدانات عربية ودولية واسعة.
ماسك وابنه أمام العدسات
انضم إيلون ماسك، أغنى أغنياء العالم، إلى ترامب خلال مؤتمر صحافي في مكتبه في 12 فبراير.
ردّ ماسك الذي أوكل إليه الرئيس الإشراف على هيئة مستحدثة مهمتها خفض التكاليف الفيديرالية وتقليص حجم القطاع الحكومي، على الانتقادات في شأن نقص الشفافية في عمله وتضارب المصالح المحتمل.
وهو أدلى بمواقفه بينما كان ابنه «إكس» يلهو ويثرثر في المكتب البيضوي.
90 دقيقة مع بوتين
في 12 فبراير، أنهى ترامب عزلة فرضتها الدول الغربية على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ عام 2022 على خلفية غزو قواته لأوكرانيا، وأجرى معه محادثة هاتفية امتدت 90 دقيقة.
تبع ذلك اتصال ثانٍ في 28 فبراير، وسلسلة من اللقاءات بين مسؤولين أميركيين وروس تهدف للبحث عن تسوية للحرب في أوكرانيا، غابت عنها كييف وحلفاؤها الأوروبيون.
وأسفر التقارب بين واشنطن وموسكو عن عمليتي تبادل سجناء بين الطرفين.
فانس يعطي دروساً لأوروبا
أثار نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس صدمة بين القادة الأوروبيين خلال كلمة ألقاها في مؤتمر ميونيخ للأمن في 14 فبراير، اذ انتقدهم على خلفية ما اعتبره تقييداً لحرية التعبير، وقضايا الهجرة، ودعاهم إلى زيادة الانفاق في المجال الدفاعي.
وأظهر موقف نائب الرئيس، إضافة الى تصريحات مسؤولين آخرين، أن التعويل في القارة على الدعم الأميركي لأوروبا عبر الأطلسي قد يكون بلغ خاتمته.
تحجيم زيلينسكي
في 28 فبراير، وجد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه هدفاً لهجوم كلامي حاد من ترامب وفانس اللذين اتهماه أمام الصحافيين بعدم إظهار الامتنان لواشنطن على دعمها لكييف في مواجهة الغزو الروسي.
واعتبر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر أن «ترامب وفانس يقومان بالمهمة القذرة نيابة عن بوتين».
حملة على الجامعات
اعتباراً من السابع من مارس، بدأت إدارة ترامب بتوجيه اتهامات الى عدد من الجامعات الكبرى بالتساهل مع «معاداة السامية» لسماحها بإقامة تظاهرات في الأحرام الجامعية، تنتقد إسرائيل على خلفية حرب غزة.
وخفّض ترامب 400 مليون دولار من التمويل الفيديرالي لجامعة كولومبيا في نيويورك، متهماً إياها بعدم توفير الحماية الكافية للطلاب اليهود من المضايقات. وفي أبريل، أعلنت الإدارة الأميركية تجميد معونات لجامعة هارفرد بقيمة 2,2 مليار دولار بسبب رفض المؤسسة التي تعد من الأعرق في العالم، الإذعان لمطالب البيت الأبيض.
طرد الى السلفادور
في 15 مارس، لجأت إدارة ترامب الى قانون مبهم يعود الى القرن الثامن عشر، لتبرير طرد أكثر من 200 شخص يشتبه بانتسابهم الى عصابات، الى سجن شديد الحماية في السلفادور.
تواجه الإدارة دعاوى قضائية على خلفية هذه المسألة، وصلت الى المحكمة العليا الأميركية.
لكن الحكومة رفضت التراجع عن موقفها، بينما خلص قاض فيديرالي إلى وجود «سبب محتمل» لملاحقة إدارة ترامب بتهمة ازدراء المحكمة في قضية ترحيل مهاجرين غير نظاميين.
عين على غرينلاند
رفع ترامب في 26 مارس من منسوب تصريحاته بوجوب استحواذ الولايات المتحدة على غرينلاند، الجزيرة الشاسعة المساحة في الدائرة القطبية الشمالية، والتي تتمتع بالحكم الذاتي لكنها تتبع رسميا للدنمارك.
وقال «نحتاج إلى غرينلاند من أجل الأمن والسلامة الدوليين. نحتاج اليها»، وذلك قبل يومين من زيارة قام بها فانس وزوجته الى الإقليم.
لقي موقف ترامب انتقادات لاذعة من كوبنهاغن، واقتصرت زيارة نائب الرئيس الأميركي وزوجته على القاعدة العسكرية التابعة لبلاده في الجزيرة.
حرب التعرفات
أعلن ترامب في الثاني من أبريل فرض تعرفات جمركية باهظة على العشرات من دول العالم، متهماً إياها باستغلال الولايات المتحدة في المجال التجاري.
وفي التاسع من الشهر نفسه، اليوم المقرر لدخول هذه الرسوم حيز التنفيذ، تراجع ترامب بعض الشيء، اذ أبقى على الحد الأدنى الإضافي بنسبة 10% الذي فرضه على غالبية الواردات، بينما علّق الرسوم الأخرى لمدة 90 يوماً.
واستثنيت الصين من هذا التعليق، اذ وصلت الرسوم الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة عليها الى 145%، ما دفع بكين للرد برسوم مضادة.
وتسببت هذه الأزمة باضطرابات حادة في الأسواق العالمية وارتفاع سعر الذهب الى مستويات قياسية وتراجع الدولار.
0 تعليق