سلسلة تعديلات وقرارات ضمن رؤية ستراتيجية شاملة تستهدف توفير بيئة قانونية توائم تحديات العصر
تخطو الكويت خطوات حثيثة وبثبات نحو تعزيز دعائم دولة القانون وتكريس مبادئ الشفافية والعدالة عبر سلسلة تعديلات تشريعية وقرارات ضمن رؤية ستراتيجية شاملة ترمي إلى ترسيخ قيم النزاهة وتوفير بيئة قانونية عادلة وشفافة توائم تحديات العصر وتلبي تطلعات المواطنين.
وتمثل التشريعات التي اعتمدها مجلس الوزراء خلال الفترة الماضية لتحديث البنية القانونية في البلاد إضافة نوعية لمسيرة العدالة الكويتية وحماية المال العام ومكافحة الفساد علاوة على مواكبتها التطورات التقنية المتسارعة وتوسيع نطاق الخدمات القضائية الرقمية.
وفي هذا الإطار، أقر مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي مشروعا بمرسوم بقانون بشأن تعديل بعض أحكام قانون الجزاء الصادر بالقانون رقم ( 16 ) لسنة 1960 بهدف حماية الحقوق العامة وتحقيق الردع الفعال وسد ثغرات كشف عنها التطبيق العملي للقانون.
وأدخل المشروع تعديلات على قانون الجزاء ترمي إلى معالجة انحدار جانب الحيطة والحذر لدى الأفراد وما ينتج عن ذلك من إصابات ووفيات حيث رفع القيم المالية لعقوبة الغرامة في جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ وأضاف مادتين جديدتين تعنيان بإدخال ظروف تشدد العقاب عند اقترانها بالركن المادي المكون لكلا الجريمتين.
كما استحدث المشروع بندا جديدا بهدف حماية عملية الائتمان في البلاد من المدين الذي يدلس في حقيقة مركزه المالي محاولا إظهارها بحالة إعسار، إذ أضفى حماية جنائية على أموال المدين التي تنقل إلى أطراف مع علمهم بالدين الثابت بالسند التنفيذي بقصد تمكين المدين من عدم الوفاء بما عليه من ديون.
أما مشروع المرسوم بقانون بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية فقد وضع معالجات لبعض الإشكاليات التي تؤثر على سير العدالة إذ أجاز من خلال تعديل المادة (188) إعلان الأحكام الغيابية إلكترونيا إلى جانب الوسائل التقليدية مما يساهم في سرعة إعلان الأحكام.
ويعزز المرسوم أيضا ضمانات علم المحكوم عليه بالأحكام الصادرة علاوة على المساهمة في تقليل إطالة أمد التقاضي والحد من سقوط الأحكام الغيابية بالتقادم لتعذر إعلان المحكوم عليه بالطرق التقليدية.
وإضافة إلى ذلك استهدف المرسوم من خلال تعديل المادة (230) معالجة تراكم الغرامات الجزائية وتعذر تحصيلها عبر تمكين النيابة العامة من استيفائها مباشرة من المحكوم عليه أو عبر استقطاع ما لا يجاوز ربع راتبه مع إمكانية تقسيط المبلغ لمدة تصل إلى خمس سنوات مراعاة للظروف الإنسانية والمالية.
وتلبية لما كشفه التطبيق العملي عن حالات تمكن المدين ذي الملاءة المالية من تلافي الإجراءات المتخذة ضده لعرقلة وفائه بديونه أصدر مجلس الوزراء مشروعا بقانون بشأن تعديل نص المادة (5) من القانون رقم (71) لسنة 2020 بإصدار قانون الإفلاس بما يعيد نظام الضبط والإحضار وحبس المدين المتعنت في السداد. وعزَّز التشريع الجديد صلاحيات الإدارة العامة للتنفيذ ضد المدين المماطل عن طريق منحها سلطة اتخاذ إجراءات حاسمة ضد المدين الذي يتهرب من الوفاء بالتزاماته رغم قدرته المالية، ويشمل هذا طلب كشف مالي عن أموال المدين بما في ذلك العقارات والمنقولات والأرصدة المصرفية وأسماء المتصرف إليهم. كما أصدر مجلس الوزراء مشروع مرسوم بقانون بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم رقم 38 لسنة 1980 الذي أتاح لإدارة التنفيذ إخطار شركة المعلومات الائتمانية بواقعة عدم الوفاء لقيدها في السجل الائتماني للمدين لإيضاح مقدرته الائتمانية عند تعامله مع الأشخاص الاعتبارية.
وفي موازاة ذلك عززت الكويت صلاحيات الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) من خلال مشروع المرسوم بقانون بتعديل القانون رقم 2 لسنة 2016 بشأن إنشاء هيئة (نزاهة) والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية.
وتصب التعديلات التي شملها القانون في تطوير المنظومة القانونية لمكافحة الفساد فقد وسعت نطاق جرائم الفساد بإدراج جرائم اختلاس أموال الجمعيات التعاونية ضمن الجرائم المشمولة بالقانون وذلك لحماية أموال المساهمين وتعزيز الرقابة على هذه الجمعيات.
ونصت التعديلات الجديدة على تسبيب قرارات حفظ البلاغات لتعزيز الشفافية والرقابة عليها مع استخدام الوسائل الإلكترونية في تقديم إقرارات الذمة المالية بما يواكب التطور التقني ويسهل الإجراءات على الخاضعين للقانون خصوصا موظفي البعثات الدبلوماسية والقنصلية في الخارج علاوة على ما قررته من ضمانات إجرائية لحماية موظفي (نزاهة).
أما المرسوم بقانون رقم (94) لسنة 2024 بتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم (20) لسنة 1981 فقد تضمن تعديلا يحدد النصاب القيمي لمحكمة التمييز في المسائل الإدارية كي لا تنشغل المحكمة بالمنازعات قليلة القيمة بل تتفرغ لغيرها وأداء دورها في توحيد المبادئ القانونية مراقبة حسن تطبيق القانون.
0 تعليق