مع مواصلة الهيئة العامة للمعلومات المدنية جهودها في مكافحة العناوين الوهمية، عبر قيامها بإلغاء آلاف العناوين السكنية لأشخاص تبين لها أنهم لا يسكنون في العناوين المسجلة لديها، ظهرت سوق سوداء جديدة أطلت برأسها مؤخراً، خاصة بين أوساط العمالة الآسيوية في الكويت، حيث تُمارَس فيه الإتاوات بأبشع صورها، من خلال استغلال حاجة هذه العمالة لتدوين عناوين سكن وهمية لاستكمال إجراءات استخراج البطاقة المدنية في هيئة المعلومات المدنية، والتي تشترط وجود عنوان سكن لصاحب البطاقة.
وعبر مصادرها، تمكنت «الجريدة» من اختراق هذه السوق، حيث علمت أن سعر العنوان الوهمي الواحد يتراوح بين 100 و150 ديناراً، يدفعها كل صاحب معاملة يود إضافة اسمه على أحد المساكن التي توفرها تلك المافيا.
وقالت المصادر إن الاستغلال لم يقف عند هذا الحد، مبينة أن أحد العمال أفاد بوقوعه ضحية جشع تجار العناوين الذي باعه عنواناً سكنياً بـ100 دينار، ليكتشف أن اسمه أزيل في «المعلومات المدنية» من هذا العنوان بعد ثلاثة أشهر فقط، ليكون شاغراً لضحية أخرى وبإتاوة جديدة، لتستمر سلسلة النصب والاستغلال من ضحية إلى أخرى، مضيفة أن ذلك العامل فور إزالة اسمه من عنوان السكن الذي اشتراه تواصل مع بائعيه للمطالبة باسترجاعه، لكنهم طلبوا منه دفع مبلغ مماثل للمرة الثانية لإعطائه عنواناً جديداً!
وفي إضاءة على كيفية بروز هذه الأزمة إلى العلن، قال مراقبون لـ«الجريدة» إن ذلك راجع إلى تضييق المؤسسات الأمنية الخناق على تجار الإقامات، وتحديداً بعد الإجراءات الأخيرة التي حددت عدداً معيناً من العمالة في كل شقة سكنية في هيئة المعلومات، مما كشف عن وجود أزمة حقيقية في أعداد كبيرة من العمالة الآسيوية لا تجد لها سكناً حقيقياً يمكن الإفصاح عنه في بطاقاتهم المدنية، نظراً لسكنهم الجماعي في مجاميع تفوق الطاقة الاستيعابية التي تم تحديدها مؤخراً لمحاربة تجارة الإقامات في البلاد.
ونشرت الجريدة الرسمية - الكويت اليوم - في عددها الصادر اليوم إعلان الهيئة العامة للمعلومات المدنية إلغاء العناوين السكنية لـ531 شخصاً، مطالبة الأفراد الواردة أسماؤهم، والذين تم شطب عنوان سكنهم، بناء على إقرار مالك السكن أو بسبب هدم المبنى، بأنه يتعين عليهم مراجعة الهيئة لتغيير العنوان الجديد بعد تقديم الوثائق الثبوتية، وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخه، وإلا وقعت عليهم العقوبة الواردة بالمادة 33 من القانون رقم 32 لسنة 1982 بغرامة لا تتجاوز مئة دينار تتعدد بتعدد الأشخاص.
ومنذ حادث «حريق المنقف»، وبناء على تعليمات رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف بأن يكون العنوان المسجل في البطاقة المدنية هو ذات العنوان الفعلي الذي يعيش فيه صاحب البطاقة، اتخذت الهيئة إجراءات حازمة لإلغاء العناوين الوهمية المسجلة في نظامها، بهدف تصحيح أوضاع آلاف المواطنين والمقيمين الذين تم تسجيلهم على عناوين لا يقيمون فيها فعلياً.
وبدأت الهيئة منذ ذلك التاريخ تنفيذ مسح شامل لمختلف مناطق الكويت، مع التركيز على المناطق التي تشهد كثافة سكانية عالية من الوافدين، مثل حولي وجليب الشيوخ والمهبولة، وأظهرت النتائج وجود عدد كبير من الأفراد مسجلين على عناوين لا يقطنونها، مما دفع الهيئة إلى إلغاء آلاف العناوين السكنية لمواطنين ومقيمين، ولا يكاد يخلو عدد الجريدة الرسمية كل أحد من نشر مئات الأسماء.
ويستقبل من تم إلغاء عناوينهم السكنية إشعارات عبر تطبيق «سهل»، تفيد بإلغاء عناوينهم، مع منحهم مهلة 30 يوماً لتحديث بياناتهم وتسجيل عناوينهم الجديدة.
وتتم عملية شطب العناوين بناءً على إقرار مالك العقار بعدم صحة تسجيل أفراد على عنوانه، وبعد شطب العنوان، يُمنح الشخص المشطوب مهلة 30 يوماً لتسجيل عنوانه الجديد، وإذا لم يتم ذلك خلال هذه الفترة تُفرض غرامة مالية تصل إلى 100 دينار.
ونظراً لزيادة الأعداد يواجه العديد من الأفراد الذين ألغيت عناوينهم صعوبات في حجز مواعيد لتحديث بياناتهم، بسبب الضغط الكبير على مراكز الهيئة من جهة وعدم جاهزيتهم لتقديم الأوراق المطلوبة من جهة أخرى، لكن الهيئة واجهت الضغط بتكثيف العمل في مراكزها الخارجية لتخفيف الازدحام.
ولتحديث العنوان السكني يجب تقديم عقد الإيجار الأصلي وصورة عنه، ووثيقة ملكية العقار أو كتاب تخصيص من المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وصورة البطاقة المدنية لصاحب العقار، مع تعبئة نموذج إقرار السكن، ويتم تقديم هذه المستندات في مقر الهيئة بجنوب السرة أو عبر تطبيق «سهل».
ويواجه من ألغي عنوانه السكني أزمة «هويتي»، حيث يتم إلغاء بطاقته من التطبيق، ولا يمكن إعادة تفعيلها إلا بعد تغيير عنوانه السكني بمعرفة الهيئة.
وكانت الهيئة العامة للمعلومات المدنية دعت جميع المواطنين والمقيمين إلى التعاون معها في تحديث بياناتهم السكنية، مؤكدة أن هذه الإجراءات تهدف إلى الحفاظ على الأمن العام وتوفير خدمات أفضل للجميع.
وتساهم خطوة توافق العنوان المسجل بالبطاقة المدنية مع السكن الفعلي في تعزيز الأمن، وتسهيل مهمة الوصول إلى المطلوبين أمنياً.
0 تعليق